كتاب جامع العلوم والحكم ت ماهر الفحل (اسم الجزء: 2)
شيءٌ، حيث كان كفارةً لذنبه، ولم يكن ذنبُه مِنَ الكبائر، فكيف بما كان من الأعمال مكفراً للكبائر؟
وسبق أيضاً قولُ مَنْ قالَ مِنَ السَّلف: إنَّ السيئة تمحى، ويسقط نظيرها حسنة من الحسنات التي هي ثواب العمل، فإذا كانَ هذا في الصغائر، فكيف بالكبائر؟ فإنَّ بعضَ الكبائر قد يُحبِطُ بعضَ الأعمال المنافية لها، كما يُبطل المنُّ والأذى الصدقةَ، وتُبطلُ المعاملة بالرِّبا الجهادَ كما قالت عائشة (¬1) . وقال حذيفةُ: قذفُ المحصنة يَهْدِمُ عملَ مئة سنة، وروي عنه مرفوعاً خرَّجه البزار (¬2) ، وكما يبطل ترك صلاة العصر العمل (¬3) ، فلا يستنكر أنْ يبطل ثواب العمل الذي يكفر الكبائر.
وقد خرَّج البزار في "مسنده" والحاكم من حديث ابن عباس، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، قال: ((يُؤتَي بحسناتِ العبد وسيِّئاتِه يَوْمَ القيامة، فَيُقص أو يُقضى بعضُها من بعض، فإنْ بقيت له حسنةٌ، وُسِّعَ له بها في الجنة)) (¬4) .
¬_________
(¬1) أخرجه: الدارقطني 3/46، والبيهقي 5/330، عن أبي إسحاق السبيعي، عن امرأته أنَّها دخلت على عائشة رضي الله عنها، فدخلت معها أم ولد زيد بن أرقم الأنصاري وامرأة أخرى، فقالت أم ولد زيد بن أرقم: يا أم المؤمنين إني بعت غلاماً من زيد بن أرقم بثمانمئة درهم نسيئة، وإني ابتعته بستمئة درهم نقداً، فقالت لها عائشة: بئسما اشتريت، وبئسما شَريتِ، إنَّ جهاده مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد بطل إلا أنْ يتوب. اللفظ للدارقطني.
(¬2) المسند (2929) .
وأخرجه: الطبراني في " الكبير " (3023) ، وهو ضعيف مرفوعاً قال البزار: ((هذا الحديث لا نعلم أحداً أسنده إلاّ ليث ولا عن ليث إلاّ موسى بن أعين، وقد رواه جماعة عن أبي
إسحاق، عن صلة، عن حذيفة موقوفاً)) .
(¬3) أخرجه: أحمد 5/361، والبخاري 1/145 (553) و (594) ، وابن ماجه (694) ، وابن حبان (1463) و (1470) ، والبيهقي 1/444، والبغوي (369) من طرق عن بريدة - رضي الله عنه -، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((من ترك صلاة العصر فقد حبط عمله)) .
(¬4) أخرجه: البزار (3456) كما في " كشف الأستار "، وهو في " مسنده " (5272) ، والحاكم 4/252.
وأخرجه: عبد بن حميد (661) ، والطبراني في " الكبير " (12832) ، والبيهقي في
"شعب الإيمان" (6515) ، قال الهيثمي في " مجمع الزوائد " 10/217: ((إسناده جيد)) .