كتاب جامع العلوم والحكم ت ماهر الفحل (اسم الجزء: 2)
والترمذي (¬1) .
وأما مغفرة الذنوب ببعض الأعمال مع توفير أجرها وثوابها، فقد دلَّ عليه الأحاديثُ الصحيحة في الذِّكر، وقد قيل: إنَّ تلك السيئات تُكتب حسنات أيضاً، كما في حديث أبي مالك الأشعري الذي سبق ذكرُه (¬2) ، وذكرنا أيضاً عن بعض السَّلف أنَّه يُمحى بإزاء السيئة الواحدة ضعفٌ واحد من أضعاف ثواب الحسنة، وتبقى له تسع حسنات (¬3) . والظاهر أنَّ هذا مختصٌّ بالصغائر، وأمَّا في الآخرة، فيُوازَنُ بين الحسنات والسيئات، ويقُصُّ بعضُها من بعضٍ، فمن رجحت حسناتُه على سيئاته، فقد نجا، ودخل الجنَّة، وسواء في هذا الصغائر والكبائر، وهكذا من كانت له حسنات وعليه مظالم، فاستوفى المظلومون حقوقَهم من حسناته، وبقي له حسنةٌ، دخل بها الجنة. قال ابن مسعود: إنْ كان ولياً لله ففضل له مثقال ذرَّةٍ، ضاعفها الله لهُ حتَّى يدخل الجنة، وإنْ كان شقياً قال الملك: ربِّ فَنِيَتْ حسناتُه، وبقي له طالبون كثير، قال: خُذوا من سيئاتهم، فأضعِفوها إلى سيئاته، ثم صُكُّوا له صكاً إلى النار. خرَّجه ابن أبي حاتم وغيرُه (¬4) .
والمرادُ أنَّ تفضيلَ مثقالِ ذرَّةٍ مِنَ الحسنات إنَّما هو بفضل الله - عز وجل -، لمضاعفته
¬_________
(¬1) أخرجه: أحمد 1/22 و23، والترمذي (1644) ، وقال: ((هذا حديث حسن غريب)) عن فضالة بن عبيد، قال: سمعت عمر بن الخطاب يقول: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول، وفيه: (( ... ورجل مؤمن أسرف على نفسه لقي العدو فصدق الله حتى قتل فذلك من الدرجة الرابعة)) .
وأخرجه: الطيالسي (45) و (133) ، وعبد بن حميد (27) ، والبزار (246) ، وأبو يعلى (252) ، والطبراني في " الأوسط " (363) عن فضالة بن عبيد، عن عمر بن الخطاب، به.
(¬2) سبق تخريجه.
(¬3) هو ابن مسعود - رضي الله عنه -. انظر: المصنف لابن أبي شيبة (3453) .
(¬4) أخرجه: ابن أبي حاتم في " تفسيره " 3/955 (5335) .