كتاب جامع العلوم والحكم ت ماهر الفحل (اسم الجزء: 2)

تحتي)) (¬1) .
ومَنْ حفظ الله في صباه وقوَّته، حفظه الله في حال كبَره وضعفِ قوّته، ومتَّعه بسمعه وبصره وحولِه وقوَّته وعقله.
كان بعض العلماء قد جاوز المئة سنة وهو ممتَّعٌ بقوَّتِه وعقله، فوثب يوماً وثبةً شديدةً، فعُوتِبَ في ذلك، فقال: هذه جوارحُ حفظناها عَنِ المعاصي في الصِّغر، فحفظها الله علينا في الكبر (¬2) . وعكس هذا أنَّ بعض السَّلف رأى شيخاً يسأل الناسَ، فقال: إنَّ هذا ضيَّع الله في صغره، فضيَّعه الله في كبره.
وقد يحفظُ الله العبدَ بصلاحه بعدَ موته في ذريَّته كما قيل في قوله تعالى: {وَكَانَ أَبُوْهُمُا صَالِحاً} (¬3) : أنَّهما حُفِظا بصلاح أبيهما (¬4) . قال سعيد بن المسيب لابنه: لأزيدنَّ في صلاتي مِنْ أجلِك، رجاءَ أنْ أُحْفَظَ فيكَ، ثم تلا هذه الآية {وَكَانَ أَبُوْهُمُا صَالِحاً} (¬5) ،
¬_________
(¬1) أخرجه: أحمد 25/25، وأبو داود (5074) ، والنسائي 8/382، وفي " الكبرى "، له

(10401) وفي " عمل اليوم والليلة "، له (566) .
وأخرجه: ابن أبي شيبة (29278) ، وعبد بن حميد (837) ، والبخاري في " الأدب المفرد " (698) و (1200) ، وابن ماجه (3871) ، وابن حبان (961) ، والطبراني في " الكبير" (13296) ، والحاكم 1/517، وهو حديث صحيح.
(¬2) انظر: سير أعلام النبلاء 17/668.
(¬3) الكهف: 82.
(¬4) أخرجه: عبد الله بن المبارك في " الزهد " (332) ، والحميدي (372) ، والطبري في " تفسيره " (17543) ، والحاكم 2/369.
(¬5) ذكره: البغوي في " تفسيره " 3/211.

الصفحة 554