كتاب جامع العلوم والحكم ت ماهر الفحل (اسم الجزء: 2)

وقال عمرُ بن عبد العزيز: ما من مؤمن (¬1) يموتُ إلاَّ حفظه الله في عقبه وعقبِ عقبه.
وقال ابن المنكدرِ: إنَّ الله ليحفظُ بالرجل الصالح ولدَه وولدَ ولده والدويرات التي حوله فما يزالونَ في حفظ من الله وستر (¬2) .
ومتى كان العبد مشتغلاً بطاعة الله، فإنَّ الله يحفظه في تلك الحال، وفي " مسند الإمام أحمد " عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، قال: ((كانت امرأةٌ في بيتٍ، فخرجت في سريَّةٍ من المسلمين، وتركت ثنتي عشرة عنزاً وصيصيتها كانت تنسج بها، قال: ففقدت عنزاً لها وصيصيتها، فقالت: يا ربِّ، إنَّك قد ضَمِنْتَ لمن خرج في سبيلك أنْ تحفظَ عليه، وإنِّي قد فَقَدتُ عنزاً من غنمي وصيصيتي، وإني أَنْشُدُكَ عنزي وصيصيتي)) . قال: وجعل رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يذكر شدَّة مناشدتها ربَّها تبارك وتعالى، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:
((فأصبحت عنزها ومثلها، وصيصيتها ومثلها)) (¬3) .
والصيصية: هي الصِّنارة التي يُغزل بها ويُنسج (¬4) .
فمن حفظ الله حَفِظَهُ الله من كُلِّ أذى. قال بعضُ السَّلف: من اتقى الله، فقد حَفِظَ نفسه، ومن ضيَّع تقواه، فقد ضيَّع
¬_________
(¬1) في (ص) : ((عبد)) .
(¬2) أخرجه: ابن المبارك في " الزهد " (330) ، والحميدي (373) ، وأبو نعيم في " الحلية " 3/148.
(¬3) أخرجه: أحمد 5/67، هذا الحديث مما تفرد به الإمام أحمد، وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" 5/277: ((رجاله رجال الصحيح)) .
(¬4) انظر: العين: 538 (صيص) .

الصفحة 555