كتاب جامع العلوم والحكم ت ماهر الفحل (اسم الجزء: 2)
وإنَّ مِنْ عبادي من يطلب باباً من العبادة، فأكُفُّه عنه، لكيلا يدخله العُجْبُ، إني أُدبِّر عبادي بعلمي بما في قلوبهم، إني عليمٌ خبير)) (¬1) .
وقوله - صلى الله عليه وسلم -: ((احفظ الله تجده تجاهك)) ، وفي رواية: ((أمامك)) معناه: أنَّ مَنْ حَفِظَ حُدودَ الله، وراعى حقوقه، وجد الله معه في كُلِّ أحواله حيث توجَّه يَحُوطُهُ وينصرهُ ويحفَظه ويوفِّقُه ويُسدده فـ {إِنَّ اللهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ} (¬2) قال قتادة: من يتق الله يكن معه، ومن يكن الله معه، فمعه الفئة التي لا تُغلب، والحارس الذي لا ينام، والهادي الذي لا يضل (¬3) .
كتبَ بعضُ السَّلف إلى أخٍ له: أمَّا بعد، فإنْ كان الله معك فمن تخاف؟ وإنْ كان عليك فمن ترجو؟
وهذه المعيةُ الخاصة هي المذكورةُ في قوله تعالى لموسى وهارون: {لا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى} (¬4) ، وقول موسى: {إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ} (¬5) . وفي قول
النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - لأبي بكر وهما في الغار: ((ما ظَنُّكَ باثنين الله ثالثهما؟ لا تحزن إنَّ الله
معنا)) (¬6) .
فهذه المعيةُ الخاصةُ تقتضي النَّصر والتَّأييدَ، والحفظ والإعانة بخلاف المعية العامة المذكورة في قوله تعالى: {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلاَّ هُوَ رَابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلاَّ
¬_________
(¬1) أخرجه: الطبراني في " الأوسط " كما في " مجمع الزوائد " 10/270، وأبو نعيم في "الحلية" 8/319، وهو حديث ضعيف.
(¬2) النحل: 128.
(¬3) أخرجه: أبو نعيم في " الحلية " 2/340.
(¬4) طه: 46.
(¬5) الشعراء: 62.
(¬6) أخرجه: أحمد 1/4، وعبد بن حميد (2) ، والبخاري 5/4 (3653) و5/83 (3922) و6/83 (4663) ، ومسلم 7/108 (2381) ، والترمذي (3096) ، والطبري في
" تفسيره " (16729) ، والطحاوي في " شرح مشكل الآثار " (408) ، وابن حبان
(6278) و (6869) ، والبيهقي في " دلائل النبوة " 2/480 من حديث أنس، عن أبي بكر الصديق، به.