كتاب جامع العلوم والحكم ت ماهر الفحل (اسم الجزء: 2)
وقال ثابت البناني في هذه الآية: بلغنا أنَّ المؤمنَ حيث يبعثه الله من قبره، يتلقاه مَلَكاه اللَّذانِ كانا معه في الدنيا، فيقولان له: لا تخف ولا تحزن، فيؤمِّنُ الله خوفَه، ويُقِرُّ الله عينَه، فما مِنْ عظيمة تَغشى الناس يومَ القيامة إلاَّ هي للمؤمن قرَّةُ عينٍ لما
هداه الله، ولما كان يعملُ في الدُّنيا (¬1) .
وقوله - صلى الله عليه وسلم -: ((إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت، فاستعن بالله)) هذا مُنْتَزَعٌ من قوله تعالى: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} (¬2) ، فإنَّ السؤال لله هو دعاؤُه والرغبةُ إليه، والدُّعاء هو العبادة، كذا روي عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - من حديث النعمان بن بشير، وتلا قوله تعالى: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} (¬3) خرَّجه الإمامُ أحمد، وأبو داود (¬4) ، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه (¬5) .
وخرَّج الترمذي (¬6) من حديث أنس بن مالك، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: ((الدُّعاءُ مُخُّ
العبادة)) ، فتضمن هذا الكلام أنْ يُسأل الله - عز وجل -، ولا يُسأل غيره، وأنْ يُستعان بالله دونَ غيره.
وأما السؤال، فقد أمر الله بمسألته، فقال: {وَاسْأَلُوا اللهَ مِنْ فَضْلِهِ} (¬7) . وفي
" الترمذي " (¬8)
عن ابن مسعود مرفوعاً:
¬_________
(¬1) انظر: تفسير ابن كثير 1/100.
(¬2) الفاتحة: 5.
(¬3) غافر: 60.
(¬4) ((أبو داود)) لم ترد في (ص) .
(¬5) أخرجه: أحمد 4/267 و271 و276 و277، وأبو داود (1479) ، والترمذي (2969) و (2347) ، والنسائي في " التفسير " (484) ، وابن ماجه (3828) .
وأخرجه: عبد الله بن المبارك في " الزهد " (1299) ، والطيالسي (801) ، والبخاري في
" الأدب المفرد " (714) ، وابن حبان (890) ، والطبراني في " الأوسط " (3901) وفي
" الصغير "، له (1041) وفي " الدعاء "، له (1) و (4) ، والحاكم 1/491، وقال الترمذي: ((حسن صحيح)) .
(¬6) في " الجامع الكبير " (3371) ، وإسناده ضعيف لضعف ابن لهيعة، قال الترمذي
: ((غريب من هذا الوجه لا نعرفه إلا من حديث ابن لهيعة)) .
(¬7) النساء: 32.
(¬8) في " الجامع الكبير " (3571) . =
= ... وأخرجه: ابن أبي الدنيا في " القناعة " 1/106، والطبراني في " الكبير " (10088) ، والقضاعي في " مسند الشهاب " (1283) ، وهو حديث ضعيف.