كتاب جامع العلوم والحكم ت ماهر الفحل (اسم الجزء: 2)
الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُو اللهِ كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللهِ وَاللهُ مَعَ
الصَّابِرِينَ} (¬1) ، وقوله تعالى: {فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِئَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِئَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللهِ وَاللهُ مَعَ الصَّابِرِينَ} (¬2) . وقال عمرُ لأشياخ من بني عبس: بم قاتلتُمُ الناس؟ قالوا: بالصبر، لم نلق قوماً إلا صبرنا لهم كما صبروا لنا. وقال بعض السَّلف: كلنا يكره الموت وألم الجراح، ولكن نتفاضل بالصَّبر. وقال البطَّال (¬3) :
الشجاعةُ صبرُ ساعة.
وهذا في جهاد العدوِّ الظاهر، وهو جهادُ الكفار، وكذلك جهاد العدوِّ الباطن، وهو جهاد النَّفس والهَوى، فإنَّ جهادَهُما من أعظم الجهاد، كما قال النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم -:
((المجاهدُ مَنْ جاهد نفسه في الله)) (¬4) .
وقال عبد الله بنُ عمر لمن سأله عن الجهاد: ابدأ بنفسك
¬_________
(¬1) البقرة: 249.
(¬2) الأنفال: 66، وهذه الآية لم ترد في (ص) .
(¬3) هو أبو محمد عبد الله بن البطال، ذكره الذهبي ضمن الذين توفوا في سنة ثلاث عشرة ومئة، وقال عنه: أوطأ الروم خوفاً وذُلاً. ولكن كُذِبَ عليه أشياء مستحيلة في سيرته الموضوعة.
انظر: سير أعلام النبلاء 5/268، وتاريخ الإسلام (101-120 هـ) : 307.
(¬4) أخرجه: عبد الله بن المبارك (175) ، وأحمد 6/20 و22، والترمذي (1621) ، وابن أبي عاصم في " الجهاد " (14) ، والنسائي كما في " تحفة الأشراف " (11038) ، والطحاوي في " شرح المشكل " (2316) ، وابن حبان (4624) و (4706) ، والطبراني في " الكبير " 18/ (797) ، والقضاعي في " مسند الشهاب " (184) والبيهقي في " الزهد " (370) ، وقال الترمذي: ((حسن صحيح)) .