كتاب جامع العلوم والحكم ت ماهر الفحل (اسم الجزء: 2)
الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ} (¬1) ، وأمر بإقام الصلاة في غير موضعٍ من كتابه،
كما أمر بالاستقامة على التوحيد في تلك الآيتين.
والاستقامة: هي سلوكُ الصِّراط المستقيم، وهو الدِّينُ القيِّم من غير تعريج عنه يَمنةً ولا يَسرةً، ويشمل ذلك فعلَ الطَّاعات كلّها، الظاهرة والباطنة، وتركَ المنهيات كُلِّها كذلك، فصارت هذه الوصيةُ جامعةً لخصال الدِّين كُلِّها.
وفي قوله - عز وجل - {فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ} إشارةٌ إلى أنَّه لابُدَّ من تقصيرٍ في الاستقامة المأمور بها، فيُجبَرُ ذلك بالاستغفار المقتضي للتَّوبة والرُّجوع إلى الاستقامة، فهو كقول النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - لمعاذ: ((اتَّقِ الله حيثُما كُنت، وأتبعِ السَّيِّئةَ الحسنةَ تَمحُها)) (¬2) . وقد أخبر النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - أنَّ الناس لن يُطيقوا الاستقامة حق الاستقامة، كما خرَّجه الإمام أحمد، وابن ماجه من حديث ثوبانَ، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال
: ((استَقيموا ولن تُحْصوا، واعلموا أنَّ خيرَ أعمالكُم الصَّلاةُ، ولا يُحافِظُ على الوضوء إلاَّ مؤمنٌ)) ، وفي روايةٍ للإمام أحمد: ((سَدِّدوا وقاربوا، ولا يحافظُ على الوضوء إلاَّ مؤمن)) (¬3) .
¬_________
(¬1) الشورى: 13.
(¬2) سبق تخريجه وهو الحديث الثامن عشر من هذا الكتاب.
(¬3) أخرجه: أحمد 5/277 و280 و282، وابن ماجه (277) .
وأخرجه أيضاً: مالك (72) برواية الليثي، والطيالسي (996) ، وابن أبي شيبة (35) ، وابن أبي عمر العدني في " الإيمان " (22) و (23) ، والدارمي (655) ، وابن نصر المروزي في " تعظيم قدر الصلاة " (168) ، والطبراني في " الكبير " (1444) وفي
" الأوسط "، له (7019) وفي " مسند الشاميين "، له (217) و (1335) ، والحاكم 1/130، والبيهقي 1/82 و457، والخطيب في " تاريخه " 1/293، وابن عبد البر في
"التمهيد" 24/318-319، والبغوي في " شرح السنة " (155) ، وهو حديث صحيح.