كتاب جامع العلوم والحكم ت ماهر الفحل (اسم الجزء: 2)

شيءٌ مِنْ ذلك، كان ذلك نقصاً في التوحيد، وهو مِنْ نوع الشِّرك الخفيِّ. ولهذا قال مجاهدٌ في قوله تعالى: {أَلاَّ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً} (¬1) قال: لا تحبُّوا غيري.
وفي " صحيح الحاكم " (¬2) عن عائشة، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، قال: ((الشِّركُ أخفى من دبيب الذَّرِّ على الصَّفا في الليلة الظَّلماء، وأدناه أنْ تُحِبَّ على شيءٍ مِنَ الجَوْرِ، وتُبغِضَ على شيءٍ مِنَ العدل، وهل الدِّينُ إلا الحبّ والبغض؟ قال الله - عز وجل -: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ} (¬3) . وهذا نصٌّ في أنَّ محبةَ ما يكرهه الله، وبغضَ ما يُحبه متابعةٌ للهوى، والموالاة على ذلك والمعاداة عليه من الشرك الخفيّ.
وخرَّج ابن أبي الدُّنيا من حديث أنس مرفوعاً: ((لا تزالُ لا إله إلا الله
تمنعُ العبادَ مِنْ سخط الله، ما لم يُؤْثِروا دُنياهم على صَفقةِ دينهم، فإذا آثرُوا
صفقةَ دُنياهم على دينهم، ثم قالوا: لا إله إلا الله رُدَّتْ عليهم، وقال الله:
كذبتم)) (¬4) .
فتبيَّن بهذا معنى قوله - صلى الله عليه وسلم -: ((من شهد أنْ لا إله إلا الله صادقاً من قلبه حرَّمه الله على النار)) ، وأنَّ من دخل النارَ من أهل هذه الكلمة، فَلِقِلَّةِ صدقه في قولها، فإنَّ هذه الكلمة إذا صدقت، طهَّرت من القلب كلَّ ما سوى الله، فمن صدق في قوله: لا إله إلا الله، لم يُحبَّ سواه، ولم يَرْجُ إلاَّ إيَّاه، ولم يخشَ أحداً إلاَّ الله، ولم يتوكَّل إلاَّ على الله، ولم تبقَ له بقيَّةٌ من آثار نفسه وهواه، ومتى بقي في القلب أثرٌ لسوى الله، فمن قلَّة الصدق في قولها.
¬_________
(¬1) الأنعام: 151.
(¬2) المستدرك 2/191.
وأخرجه: ابن أبي حاتم في " تفسيره " (3399) ، أبو نعيم في "حلية الأولياء" 9/253، وابن الجوزي في " العلل المتناهية " 2/339، وإسناده ضعيف فيه عبد الأعلى بن أعين قال أبو زرعة الرازي: ((هذا حديث منكر وعبد الأعلى منكر الحديث ضعيف)) كما في " تفسير ابن أبي حاتم ".
(¬3) آل عمران: 31.
(¬4) أخرجه: أبو يعلى (4034) ، وإسناده ضعيف جداً لضعف حسين بن علي بن الأسود وعمر بن حمزة العمري.
وأخرجه: العقيلي 2/297 من حديث أبي هريرة، وسنده ضعيف لضعف عبد الله بن محمد ابن عجلان.

الصفحة 626