كتاب جامع العلوم والحكم ت ماهر الفحل (اسم الجزء: 2)
راهويه، عن يحيى بنِ آدم، وأنَّه قال في معنى قولهم: لا أدري نصفُ العلم: إنَّ العلم إنَّما هو: أدري ولا أدري، فأحدهما نصفُ الآخر (¬1) .
قلت: كُلُّ شيءٍ كان تحته نوعان: فأحدُهما نصفٌ له، وسواءٌ كان عددُ النوعين على السواء، أو أحدهما أزيد من الآخر، ويدلُّ على هذا حديثُ
: ((قسمتُ الصلاةَ بيني وبَينَ عبدي نصفين)) (¬2)
والمرادُ: قراءة الصلاة، ولهذا فسّرها بالفاتحة، والمرادُ أنَّها مقسومة لِلعبادة والمسألة، فالعبادةُ حقُّ الربِّ والمسألةُ حقُّ العبد، وليس المرادُ قسمة كلماتها على السواء (¬3) . وقد ذكر هذا الخطابيُّ، واستشهد بقول العرب: نصف السنة سفر، ونصفها حَضَر، قال: وليس على تساوي الزمانين فيهما، لكن على انقسام الزمانين لهما، وإنْ تفاوتت مدتاهما (¬4) ، وبقول شريح - وقيل له: كيف أصبحت؟ - قال: أصبحت ونصفُ الناس عليَّ غضبان (¬5) ، يريد أنَّ الناسَ بين محكومٍ له ومحكومٍ عليه، فالمحكومُ عليه غضبان، والمحكوم له راضٍ عنه، فهما حزبان مختلفان. ويقول الشاعر:
¬_________
(¬1) تعظيم قدر الصلاة (442) .
(¬2) أخرجه: مالك في " الموطأ " (224) برواية يحيى الليثي، وعبد الرزاق (2767)
و (2768) ، والحميدي (973) ، وأحمد 2/241 و285 و460، والبخاري في " القراءة خلف الإمام " (52) و (54) و (55) و (64) و (67) وفي " خلق أفعال العباد "، له 1/48، ومسلم 2/8 (395) (38) ، وأبو داود (821) ، وابن ماجه (3784) ، والترمذي (2953) ، والنسائي 2 / 136 وفي " الكبرى "، له (981) و (8012)
و (8013) و (10982) وفي " التفسير "، له (2) وفي " فضائل الصحابة "، له (38) ، وابن خزيمة (502) من حديث أبي هريرة به، الروايات مطولة ومختصرة.
(¬3) انظر: شرح صحيح مسلم للنووي 2/ 289 - 290.
(¬4) انظر: معالم السنن 1/176.
(¬5) لم أقف عليه في مظانه وذكره صاحب عون المعبود 3/28 (ط دار الكتب العلمية) .