كتاب جامع العلوم والحكم ت ماهر الفحل (اسم الجزء: 2)
((الصوم جنَّةٌ مِنَ النَّارِ (¬1) ، كجُنَّة أحدكم من القِتال)) (¬2) .
ومن حديث جابر، عنِ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، قال: ((قال ربُّنا - عز وجل -: الصِّيام جنَّةٌ يستجِنُّ بها العبدُ من النَّار)) (¬3) .
وخرَّج أحمد (¬4) والنَّسائي (¬5) من حديث أبي عُبيدة، عنِ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، قال:
((الصِّيام جنَّة ما لم يَخْرِقْها)) ، وقوله: ((ما لم يخرقها)) ، يعني: بالكلام السيء ونحوه، ولهذا في حديث أبي هريرة المخرج في " الصحيحين " (¬6) عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -
: ((الصيام جنَّة، فإذا كان يومُ صومِ أحدكم، فلا يرفث، ولا يجهل، فإن امرؤٌ سابَّه فليقل: إني امرؤ صائم)) .
وقال بعضُ السَّلف: الغيبةُ تخرقُ الصِّيامَ، والاستغفارُ يرقَعُهُ، فمن استطاع منكم أنْ لا يأتي بصوم مخرَّقٍ فليفعل (¬7) .
وقال ابنُ المنكدر: الصائمُ إذا اغتاب خرق، وإذا استغفر رقع.
وخرَّج الطبراني (¬8) بإسنادٍ فيه نظرٌ عن أبي هريرة مرفوعاً: ((الصِّيامُ جُنَّةٌ ما لم يخرقها)) ، قيل: بم يخرقه؟ قال: ((بكذبٍ أو غيبةٍ (¬9)) ) .
فالجُنَّة: هي ما يستجنُّ بها العبد، كالمجنِّ الذي يقيه عندَ القتالِ من الضَّرب، فكذلك الصيام يقي صاحبه منَ المعاصي في الدُّنيا، كما قال - عز وجل -: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا
¬_________
(¬1) عبارة: ((من النار)) سقطت من (ص) .
(¬2) في " مسنده " 4/21 و22 و217، وإسناده حسن من أجل محمد بن إسحاق، والحديث في " مختصر المختصر " (1891) وراجع تخريجه هناك.
(¬3) أخرجه: أحمد 3/341 و396، وإسناده ضعيف لضعف عبد الله بن لهيعة.
(¬4) في " مسنده " 1/195 و196، وإسناده لا بأس به.
(¬5) في " المجتبى " 4/167 و168.
(¬6) سبق تخريجه.
(¬7) أخرجه: البيهقي في " شعب الإيمان " (3644) عن أبي هريرة.
(¬8) في " الأوسط " (4536) و (7814) .
وأخرجه: ابن عدي في " الكامل " 4/32.
وفيه الربيع بن بدر، قال عنه يحيى بن معين: ((بصريٌّ ضعيف ليس بشيء)) ، وقال البخاري: ((يقال له: عليلة بن بدر السعدي التميمي بصري)) ، وقال أبو داود: ((ضعيف)) ، وقال أبو حاتم: ((لا يشتغل به ولا بروايته، فإنَّه ضعيف الحديث ذاهب الحديث)) .
انظر: الكامل 4/29، وتهذيب الكمال 2/457 (1839) .
وهو كذلك من رواية الحسن عن أبي هريرة، وقد قال أبو حاتم الرازي، والذهبي بعدم سماع الحسن من أبي هريرة. انظر على سبيل المثال: المراسيل لابن أبي حاتم (102) و (103)
و (104) ... إلخ، وسير أعلام النبلاء 4/566.
(¬9) من قوله: ((قيل بم يخرقه ... )) إلى سقط من (ص) .