كتاب جامع العلوم والحكم ت ماهر الفحل (اسم الجزء: 2)
الحديث الثلاثون
عَنْ أَبي ثَعلَبَةَ الخُشَنيِّ - رضي الله عنه -، عَن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، قالَ: ((إنَّ الله فَرَضَ فرائِضَ، فَلا تُضَيِّعُوها، وحَدَّ حُدُوداً فلا تَعْتَدوها، وحَرَّمَ أَشْياءَ، فلا تَنتهكوها، وسَكَتَ عنْ أشياءَ رَحْمةً لكُم غَيْرَ نِسيانٍ، فلا تَبحَثوا عَنْها)) . حديثٌ حسنٌ، رواه الدَّارقطنيُّ (¬1) وغيرُهُ.
هذا الحديثُ من رواية مكحول، عن أبي ثعلبة الخشني، وله علتان:
إحداهما: أنَّ مكحولاً لم يصحّ له السماع من أبي ثعلبة، كذلك قال أبو مسهر الدمشقي وأبو نُعيم الحافظ وغيرهما.
والثانية: أنَّه اختلف في رفعه ووقفه على أبي ثعلبة، ورواه بعضهم عن مكحول من قوله، لكن قال الدارقطني (¬2) : الأشبه بالصَّواب المرفوعُ، قال: وهو أشهرُ.
وقد حسَّن الشيخُ رحمه الله هذا الحديث، وكذلك حسّنه قبلَه الحافظ أبو بكر ابن السمعاني في " أماليه ".
وقد رُويَ معنى هذا الحديث مرفوعاً من وجوه أُخر، خرَّجه البزار في
" مسنده " (¬3) والحاكم (¬4) من حديث أبي الدرداء، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، قال: ((ما أحلَّ الله في كتابه فهو حلالٌ، وما حرَّم فهو حرام، وما سكت عنه فهو عفو، فاقبلوا منَ الله عافيتَهُ، فإنَّ الله لم يكن لينسى شيئاً)) ثم تلا هذه الآية: {وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيّاً} (¬5) ، وقال الحاكم (¬6) : صحيح الإسناد،
¬_________
(¬1) في " سننه " 4/184 (4350) .
وأخرجه: الطبراني في " الكبير " 22/ (589) وفي " مسند الشاميين "، له (3492) ، وأبو نعيم في " الحلية " 9/17، والبيهقي 10/12 - 13، والخطيب في " الفقيه والمتفقه " 2/9 من حديث أبي ثعلبة الخشني، به.
وأخرجه: البيهقي 10/12 عن أبي ثعلبة موقوفاً.
(¬2) في " العلل " 6/324 (1170) .
(¬3) كما في " كشف الأستار " (123) من حديث أبي الدرداء، به.
(¬4) في " المستدرك " 2/375، وأخرجه: البيهقي 10/12.
(¬5) مريم: 64.
(¬6) في " المستدرك " 2/375.