كتاب جامع العلوم والحكم ت ماهر الفحل (اسم الجزء: 2)
وقد تُسمى العقوباتُ المقدرة الرادعةُ عن المحارم المغلظة حدوداً، كما يقال: حدُّ الزنى، وحدُّ السرقة، وحدُّ شرب الخمر، ومنه قول النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - لأسامة:
((أتشفع في حدٍّ من حدود الله؟)) (¬1) ، يعني: في القطع في السَّرقة. وهذا هو المعروف من اسم الحدود في اصطلاح الفقهاء.
وأمَّا قولُ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: ((لا يُجْلَدُ فَوقَ عشرِ جلدات إلا في حدٍّ مِنْ حُدودِ
اللهِ)) (¬2) فهذا قد اختلف الناسُ في معناه، فمنهم من فسر الحدود هاهنا بهذه الحدود المقدرة، وقال: إنَّ التَّعزير لا يُزاد على عشرِ جلدات، ولا يُزادُ عليها إلاَّ في هذه الحدود المقدَّرة، ومنهم من فسَّر الحدودَ هاهنا بجنس محارمِ الله، وقال: المرادُ أنَّ مجاوزة العشر جلداتٍ لا يجوزُ إلا في ارتكاب محرَّم مِنْ محارم الله، فأمَّا ضربُ التَّأديبِ على غير محرَّمٍ، فلا يتجاوز به عشر جلدات (¬3) .
وقد حمل بعضُهم قوله - صلى الله عليه وسلم -: ((وحدَّ حُدُوداً فلا تعتدوها)) على هذه العقوبات
¬_________
(¬1) أخرجه: عبد الرزاق (18830) ، وأحمد 6/162، والدارمي (2307) ، والبخاري 4/213 (3475) و8/199 (6788) ، ومسلم 5/114 (1688) (8) و (9) و5/115 (1688) (10) من حديث عائشة، به. وهو جزء من حديث طويل.
(¬2) أخرجه: البخاري 8/215 (6848) ، ومسلم 5/126 (1708) (40) ، وأبو داود
(4491) من حديث أبي بردة، به.
(¬3) انظر: معالم السنن 3/294، وعون المعبود 12/201 - 202.