كتاب جامع العلوم والحكم ت ماهر الفحل (اسم الجزء: 1)

بفضل الله ورحمته، واستبشرَ بذلك، لم يضرَّه
ذلك.
وفي هذا المعنى جاء حديثُ أبي ذرٍّ، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، أنَّه سُئِلَ عن الرَّجُل يعملُ العَمَل لله مِنَ الخير ويحمَدُه النَّاسُ عليه، فقال: ((تلك عاجلُ بُشرى المؤمن)) خرَّجه مسلم (¬1) ، وخرَّجه ابن ماجه (¬2) ، وعنده: الرَّجُلُ يعمَلُ العملَ للهِ فيحبُّه النَّاسُ
عليه. وبهذا المعنى فسَّره الإمامُ أحمدُ، وإسحاقُ بن راهويه، وابنُ جريرٍ

الطَّبريّ (¬3) ، وغيرهم (¬4) .
وكذلك الحديثُ الذي خرَّجه الترمذيُّ وابنُ ماجه مِنْ حديثِ أبي هريرةَ: أنَّ رجُلاً قال: يا رسول الله، الرَّجُلُ يعملُ العملَ فيُسِرُّهُ، فإذا اطُّلع عليه أعجَبهُ، فقال: ((له أجران: أجرُ السِّرِّ، وأجرُ العلانيةِ)) (¬5) .
ولنقتَصِر على هذا المقدار مِنَ الكلامِ على الإخلاصِ والرِّياء، فإنَّ فيه كفايةً.
وبالجملةِ، فما أحسن قولَ سهلِ بن عبد الله التُّستري: ليس على النَّفس شيءٌ أشقُّ مِنَ الإخلاصِ؛ لأنَّه ليس لها فيه نصيبٌ.
وقال يوسفُ بنُ الحسينِ الرازيُّ: أعزّ شيءٍ في الدُّنيا الإخلاصُ، وكم اجتهد في إسقاطِ الرِّياءِ عَنْ قلبي، وكأنَّه ينبُتُ فيه على لون آخر.
وقال ابنُ عيينةَ: كان من دُعاء مطرِّف بن عبد الله: اللهمَّ إنِّي أستغفرُكَ ممَّا تُبتُ إليكَ منه، ثمّ عُدتُ فيه، وأستغفرُكَ ممَّا جعلتُهُ لكَ على نفسي، ثمَّ لم أفِ لك به، وأستغفركَ ممَّا زعمتُ أنِّي أردتُ به وجهَك، فخالطَ قلبي منه
¬_________
(¬1) في " صحيحه " 8/44 (2642) (166) .
وأخرجه أيضاً: الطيالسي (455) ، وأحمد 5/156 و157 و168، والبزار في
" مسنده " (3955) و (3956) ، وأبو عوانة كما في " إتحاف المهرة " 14/155
(17552) ، وابن حبان (366) و (367) و (5768) ، والبغوي (4139)
و (4140) .
(¬2) في " سننه " (4225) .
(¬3) قال النووي في " شرح صحيح مسلم " 8/359: ((قال العلماء: معناه هذه البشرى المعجلة له بالخير، وهي دليل على رضاء الله تعالى عنه، ومحبته له، فيحببه إلى الخلق كما سبق في الحديث، ثم يوضع له القبول في الأرض. هذا كله إذا حمده الناس من غير تعرض منه لحمدهم، وإلا فالتعرض مذموم)) .
(¬4) سقطت من (ص) .
(¬5) أخرجه: ابن ماجه (4226) ، والترمذي (2384) .
وأخرجه: الطيالسي (2430) ، والبخاري في " التاريخ الكبير " 2/210، وابن حبان
(375) ، وأبو نعيم في " الحلية " 8/250، والبغوي (4141) ، وهو معلول بالإرسال كذا أعله الترمذي والدارقطني وأبو نعيم، وانظر: علل الدارقطني 8/183 س (1499) .

الصفحة 85