كتاب جامع العلوم والحكم ت ماهر الفحل (اسم الجزء: 2)

الدُّنيا شيئاً إلاَّ نقص من درجاته عند الله، وإنْ كان عليه كريماً، خرَّجه ابنُ أبي الدُّنيا (¬1) بإسنادٍ جيد. وروي مرفوعاً من حديث عائشة بإسناد فيه نظر.
وروى الإمام أحمدُ في كتاب " الزهد " بإسناده: أنَّ رجلاً دخل على معاوية، فكساه، فخرج فمرَّ على أبي مسعود الأنصاري ورجلٍ آخر من الصَّحابة، فقال أحدهما له: خذها مِنْ حسناتِك، وقال الآخر: من طيِّباتك.
وبإسناده عن عمر قال: لولا أنْ تنقص حسناتي لخالطتكم في لين عَيشِكُم، ولكنَّي سمعت الله عيَّرَ قوماً، فقال: {أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنيا} (¬2) (¬3) .
وقال الفضيل بن عياض: إنْ شئت استَقِلَّ مِنَ الدُّنيا، وإنْ شئت استكثر منها فإنَّما تأخُذُ مِن كيسك.
ويشهد لهذا أنَّ الله - عز وجل - حرَّم على عباده أشياءَ مِنْ فضول شهواتِ الدُّنيا وزينتها وبهجتها، حيث لم يكونوا محتاجين إليه، وادَّخره لهم عنده في الآخرة، وقد وقعت الإشارة إلى هذا بقوله - عز وجل -: {وَلَوْلا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً لَجَعَلْنَا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرحمان لِبُيُوتِهِمْ سُقُفاً مِنْ فِضَّةٍ وَمَعَارِجَ} إلى قوله: {وَإِنْ كُلُّ ذَلِكَ لَمَّا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنيا وَالآخِرَةُ عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ} (¬4) .
¬_________
(¬1) كما في " الترغيب والترهيب " (4709) وعزاه إلى ابن أبي الدنيا.
وأخرجه: هناد في " الزهد " (557) ، وأبو نعيم في " الحلية " 1/306.
(¬2) الأحقاف: 20.
(¬3) أخرجه: الطبري في " تفسيره " (24196) بنحوه.
(¬4) الزخرف: 33 - 35.

الصفحة 868