كتاب جامع العلوم والحكم ت ماهر الفحل (اسم الجزء: 1)

ويُبنى على هذا القولِ: أنَّ منْ فاتَته صلاةٌ مِنْ يومٍ وليلةٍ، ونسيَ عينَها، أنّ عليه أنْ يقضي ثلاثَ صلواتٍ: الفجرَ والمغربَ ورُباعيَّةً واحدة (¬1) .
وكذلك ذهبَ طائفةٌ مِنَ العُلماءِ إلى أنَّ صيامَ رمضانَ لا يحتاجُ إلى نيَّةٍ تعينية
أيضاً، بل تُجزىءُ بنيَّة الصيامِ مُطلقاً؛ لأنَّ وقتَه غيرُ قابلٍ لصيامٍ آخر، وهو أيضاً روايةٌ عنِ الإمام (¬2) أحمدَ (¬3) . وربَّما حُكِي عن بعضِهم أنَّ صيامَ رمضانَ لا يحتاجُ إلى نيَّةٍ بالكُلِّيَّةِ (¬4) ؛ لتعيينه بنفسه، فهو كردِّ الودائعِ، وحُكِي عن الأوزاعيِّ أنَّ الزَّكاةَ كذلك (¬5) . وتأوَّلَ بعضُهم قولَه على أنَّه أرادَ أنَّها تُجزىءُ بنيَّةِ الصَّدقةِ المُطلَقَةِ كالحجِّ. وكذلك قال أبو حنيفة: لو تصدَّق بالنِّصاب كلِّه مِنْ غيرِ نيَّةٍ أجزأه عن زكاته (¬6) .
وقد رُوي عنِ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: أنَّه سَمع رجُلاً يُلبِّي بالحّجِّ عَنْ رجُلٍ، فقال له:
¬_________
(¬1) قال ابن قدامة الحنبلي: ((أما الفائتة فإنْ عينها بقلبه أنَّها ظهر اليوم لم يحتج إلى نية القضاء ولا الأداء بل لو نواها أداء فبان أنَّ وقتها قد خرج وقعت قضاء من غير نية، ولو ظن أنَّ الوقت قد خرج فنواها قضاءً فبان أنَّها في وقتها أداء من غير نية كالأسير إذا تحرى وصام شهراً يريد به شهر رمضان فوافقه أو ما بعده أجزأه، وإنْ ظن أنَّ عليه ظهراً فائتة فقضاها في وقت ظهر اليوم ثم تبين أنَّه لا قضاء عليه فهل يجزئه عن ظهر اليوم؟ يحتمل وجهين:

أحدهما: يجزئه؛ لأنَّ الصلاة معينة، وإنَّما أخطأ في نية الوقت فلم يؤثر كما إذا اعتقد أنَّ الوقت قد خرج فبان أنَّه لم يخرج، أو كما لو نوى ظهر أمس وعليه ظهر يوم قبله.
والثاني: لا يجزئه؛ لأنَّه لو لم ينو عين الصلاة فأشبه ما لو نوى قضاء عصر لم يجزه عن الظهر ولو نوى ظهر اليوم في وقتها وعليه فائتة لم يجزه عنها ويتخرج فيها كالتي قبلها. فأما إنْ كانت عليه فوائت فنوى صلاة غير معينة لم يجزه عن واحدة منها لعدم التعيين ولو نسي صلاة من يوم لا يعلم عينها لزمه خمس صلوات ليعلم أنه أدى الفائتة، ولو نسي صلاة لا يدري أظهر هي أم عصر لزمه صلاتان، فإن صلى واحدة ينوي أنها الفائتة لم يجزه لعدم التعيين)) .
انظر: المغني 1/545.
(¬2) لم ترد في (ص) .
(¬3) انظر: المسائل الفقهية من كتاب الروايتين والوجهين 1/253، والمغني 3/23.
(¬4) انظر: المسائل الفقهية من كتاب الروايتين والوجهين 1/254، والمغني 3/27، والشرح الكبير 3/29-30.
(¬5) انظر: فقه الإمام الأوزاعي 1/355، والمغني 2/502، وفقه الزكاة 2/280.
(¬6) انظر: فقه الزكاة 2/284.

الصفحة 87