كتاب جامع العلوم والحكم ت ماهر الفحل (اسم الجزء: 2)
قال الحسن: من أحبَّ الدُّنيا وسرَّته، خرج حبُّ الآخرة من قلبه (¬1) .
وقال عونُ بن عبد الله: الدُّنيا والآخرةُ في القلب ككفَّتي الميزان بِقَدْرِ ما ترجحُ إحداهُما تخِفُّ الأخرى (¬2) .
وقال وهب: إنَّما الدُّنيا والآخرة كرجلٍ له امرأتانِ: إنْ أرضى إحداهما أسخط الأخرى (¬3) .
وبكلِّ حالٍ، فالزُّهد في الدُّنيا شعارُ أنبياءِ الله وأوليائه وأحبَّائه، قال عمرو بن العاص: ما أبعدَ هديكُم مِنْ هدي نبيِّكم - صلى الله عليه وسلم -، إنّه كان أزهدَ النَّاس في الدُّنيا، وأنتم أرغبُ الناس فيها، خرَّجه الإمام أحمد (¬4) .
وقال ابن مسعود لأصحابه: أنتم أكثرُ صوماً وصلاةً وجهاداً من أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم -، وهُمْ كانوا خيراً منكم، قالوا: وكيف ذلك؟ قال: كانوا أزهدَ منكم في الدُّنيا، وأرغب منكم في الآخرة (¬5) .
وقال أبو الدَّرداء: لَئِنْ حَلفتُمْ لِي على رجلٍ أنَّه أزهدُكم، لأحلفنَّ لكم أنَّه خيرُكم (¬6) . ويروى عن الحسن، قال: قالوا: يا رسول الله، من خيرُنا؟ قال:
((أزهدُكم في الدُّنيا، وأرغبُكم في الآخرة)) (¬7) والكلام في هذا الباب يطولُ جداً. وفيما أشرنا إليه كفاية إنْ شاء الله تعالى.
¬_________
(¬1) أخرجه: أبو نعيم في " الحلية " 7/79 و10/22 من قول سفيان الثوري.
(¬2) أخرجه: أبو نعيم في " الحلية " 4/251.
(¬3) أخرجه: ابن أبي الدنيا في " ذم الدنيا " (7) .
(¬4) أخرجه: الحاكم 4/315، والبيهقي في " شعب الإيمان " (10519) و (10699) .
(¬5) أخرجه: الحاكم 4/315، وأبو نعيم في " الحلية " 1/136.
(¬6) أخرجه: ابن المبارك في " الزهد " (550) .
(¬7) أخرجه: البيهقي في " شُعب الإيمان " (10521) ، وهو ضعيف لإرساله، والسند إلى الحسن منقطع.