كتاب جامع العلوم والحكم ت ماهر الفحل (اسم الجزء: 2)

وقال الحسن: لا تزالُ كريماً على الناس، أو لا يزالُ الناسُ يكرمُونَك ما لم تَعاطَ ما في أيديهم، فإذا فعلتَ ذلك، استخفُّوا بكَ، وكرهوا حديثك، وأبغضوك (¬1) .
وقال أيوب السَّختياني: لا يَنْبُلُ الرجلُ حتى تكونَ فيه خصلتان: العفَّةُ عمَّا في أيدي الناس، والتجاوزُ عمّا يكون منهم (¬2) .
وكان عمر يقول في خطبته على المنبر: إنَّ الطمع فقر، وإنَّ اليأس غنى، وإنَّ الإنسانَ إذا أَيِسَ من الشيء استغنى عنه (¬3) .
وروي أنَّ عبد الله بن سلام لقيَ كعب الأحبار عند عمر، فقال: يا كعب، مَنْ أربابُ العلم؟ قال: الذين يعملون به، قال: فما يذهب بالعلم من قلوب العلماء بعد إذ حفظوه وعقلوه؟ قال: يُذهبه الطمعُ، وشرَهُ النفس، وتطلبُ الحاجات إلى النَّاس، قال: صدقت (¬4) .
وقد تكاثرت الأحاديثُ عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - بالأمر بالاستعفاف عن مسألة الناس والاستغناء عنهم، فمن سألَ النّاس ما بأيديهم، كرهوه وأبغضوه؛ لأنَّ المال محبوبٌ لنفوس بني آدم، فمن طلب منهم ما يحبُّونه، كرهوه لذلك.
¬_________
(¬1) أخرجه: أبو نعيم في " الحلية " 3/20.
(¬2) أخرجه: أبو نعيم في " الحلية " 3/5 بنحوه.
(¬3) أخرجه: أبو نعيم في " الحلية " 1/50.
(¬4) أخرجه: ابن عبد البر في " جامع بيان العلم وفضله " 2/6 بنحوه مُختصراً.

الصفحة 892