كتاب جامع العلوم والحكم ت ماهر الفحل (اسم الجزء: 3)

وقد قال البيهقي في بعض أحاديث كثير بن عبد الله المزني: إذا انضمت إلى غيرها من الأسانيد التي فيها ضعفٌ قويت (¬1) .
وقال الشافعي (¬2) في المرسل: إنَّه إذا أُسند من وجهٍ آخر، أو أرسله من يأخذ العلمَ عن غير من يأخذ عنه المرسلُ الأوَّل، فإنَّه يُقبل.
وقال الجُوزجاني: إذا كان الحديثُ المسندُ من رجلٍ غير مقنع - يعني: لا يقنع برواياته - وشدَّ أركانه المراسيلُ بالطرق المقبولة عند ذوي الاختيار، استعمل، واكتُفي به، وهذا إذا لم يُعارض بالمسند الذي هو أقوى منه.
وقد استدلَّ الإمام أحمد بهذا الحديث، وقال: قال النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: ((لا ضرر ولا
ضرار)) (¬3) .
وقال أبو عمرو بن الصلاح: هذا الحديثُ أسنده الدارقطنيُّ من وجوه، ومجموعها يُقوِّي الحديثَ ويُحسنه، وقد تقبَّله جماهيرُ أهلِ العلم، واحتجُّوا به، وقولُ أبي داود: إنَّه من الأحاديث التي يدورُ الفقه عليها يُشعِرُ بكونه غيرَ ضعيفٍ، والله أعلم.
وفي المعنى أيضاً حديثُ أبي صِرْمَة عنِ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال: ((من ضارَّ ضارَّ الله به، ومن شاقَّ شقَّ الله عليه)) . خرَّجه أبو داود والترمذي، وابن ماجه، وقال الترمذي: حسن غريب (¬4) .
وخرَّج الترمذي (¬5) بإسناد فيه ضعف عن أبي بكرٍ الصديق، عن النَّبيِّ
¬_________
(¬1) انظر: السنن الكبرى للبيهقي 6/65.
(¬2) انظر: الرسالة (1266) و (1267) .
(¬3) انظر: مسند الإمام أحمد 5/326.
(¬4) أخرجه: أبو داود (3635) ، وابن ماجه (2342) ، والترمذي (1940) عن أبي حرمة، به.

ولعل الترمذي حسّنه لمال له من شواهد، وإلاّ فإنَّ في سنده لؤلؤة مولاة الأنصار لم يرو عنها غير محمد بن يحيى بن حبان الأنصاري.
(¬5) في " جامعه " (1941) .
وأخرجه: أبو يعلى (96) ، وابن أبي حاتم في " العلل " 2/287، وابن عدي في " الكامل " 7/140 و141، وأبو نعيم في " الحلية " 3/49 و4/164.
والترمذي ضعفه بقوله: ((غريب)) ، وإنما ضعفه لضعف أبي سلمة الكندي وشيخه فرقد السبخي.

الصفحة 910