كتاب جامع العلوم والحكم ت ماهر الفحل (اسم الجزء: 3)

- صلى الله عليه وسلم -، قال: ((ملعونٌ من ضارَّ مؤمناً أو مكر به)) .
وقوله - صلى الله عليه وسلم -: ((لا ضَررَ ولا ضرارَ)) . هذه الرواية الصحيحة، ضِرار بغير
همزة (¬1) ، ورُوي ((إضرار)) بالهمزة (¬2) ، ووقع ذلك في بعض روايات ابن ماجه والدراقطني، بل وفي بعض نسخ " الموطأ "، وقد أثبت بعضُهم هذه الرواية وقال: يقال: ضَرَّ وأضر بمعنى، وأنكرها آخرون، وقالوا: لا صحَّة لها.
واختلفوا: هل بين اللفظتين - أعني: الضَّرر والضرار - فرقٌ أم لا؟ فمنهم من قال: هما بمعنى واحد على وجه التأكيد، والمشهورُ أنَّ بينهما فرقاً، ثم قيل: إنَّ الضَّرر هو الاسم، والضِّرار: الفعل، فالمعنى أنَّ الضَّرر نفسَه منتفٍ في الشَّرع، وإدخال الضَّرر بغير حقٍّ كذلك.
وقيل: الضَّرر: أنْ يُدخِلَ على غيرِه ضرراً بما ينتفع هو به، والضِّرار: أن يُدخل على غيره ضرراً بما لا منفعةَ له به (¬3) ، كمن منع ما لا يضرُّه ويتضرَّرُ به الممنوع، ورجَّح هذا القول طائفةٌ، منهم ابنُ عبد البرِّ، وابنُ الصلاح.
وقيل: الضَّرر: أنْ يضرّ بمن لا يضره، والضِّرار: أن يضرَّ بمن قد أضرَّ به على
¬_________
(¬1) ضِرار: بدون همزة بمعنى: أي لا يدخِلُ الضرر على الذي ضرَّهُ ولكن يعفو عنه. انظر:
لسان العرب 8/44.
(¬2) إضرار: بمثل معنى أن يتزوج الرجلُ على ضَرَّةٍ. انظر: الصحاح 2/721.
(¬3) انظر: النهاية 3/81 - 82.

الصفحة 911