كتاب جامع العلوم والحكم ت ماهر الفحل (اسم الجزء: 3)

ابنُ مسعود: هلك من لم يعرف بقلبه المعروف والمنكر (¬1) ، يشير إلى أنَّ معرفة

المعروفِ والمنكرِ بالقلب فرضٌ لا يسقط عن أحد، فمن لم يعرفه هَلَكَ.
وأمَّا الإنكارُ باللسان واليد، فإنَّما يجبُ بحسب الطاقةِ، وقال ابنُ مسعود: يوشك مَنْ عاش منكم أن يري منكراً لا يستطيعُ له غيرَ أن يعلمَ اللهُ من قلبه أنَّه له كارهٌ (¬2) . وفي " سنن أبي داود " (¬3) عن العُرس بن عَميرة، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، قال
:
((إذا عُمِلَت الخطيئةُ في الأرض، كان من شَهدَها، فكرهها كمن غاب عنها، ومَنْ غابَ عنها، فرَضِيها، كان كمن شهدها)) ، فمن شَهِدَ الخطيئةَ، فكرهها بقلبه، كان كمن لم يشهدها إذا عَجَز عن إنكارها بلسانه ويده، ومن غاب عنها فرضيها كان كمن شهدها وقدر على إنكارها ولم ينكرها؛ لأنَّ الرِّضا بالخطايا من أقبح المحرَّمات، ويفوت به إنكارُ الخطيئة بالقلب، وهو فرضٌ على كلِّ مسلم، لا يسقطُ عن أحدٍ في حالٍ من الأحوال.
وخرَّج ابنُ أبي الدنيا من حديث أبي هريرة، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، قال: ((من حضر معصيةً فكرهها، فكأنَّه غاب عنها، ومن غاب
¬_________
(¬1) أخرجه: نعيم بن حماد في " الفتن " (405) ، وابن أبي شيبة في " المصنف " (37581) ، والطبراني في " الكبير " (8564) ، وأبو نعيم في " حلية الأولياء " 1/135.
(¬2) أخرجه: ابن أبي شيبة (37305) و (37582) ، والبيهقي في " شعب الإيمان " (7589) ، وابن عبد البر في " التمهيد " 23/284.
(¬3) سنن أبي داود (4345) ، وهو حديث قويٌّ.
وأخرجه: الطبراني في "الكبير" 15/139 (345) ، وانظر: مشكاة المصابيح (5144) .

الصفحة 951