كتاب جامع العلوم والحكم ت ماهر الفحل (اسم الجزء: 3)

يَبِعِ الرَّجُلُ على بيع أخيه، ولا يخطُبْ على خِطبة أخيه، إلاَّ أنْ يأذن له)) . ولفظه لمسلم.
وخرَّج مسلم (¬1) من حديث عقبة بن عامر، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، قال: ((المؤمنُ أخو المؤمنِ، فلا يَحِلُّ للمؤمن أن يبتاعَ على بيع أخيه، ولا يخطبَ على خِطبةِ أخيه، حتَّى يَذَرَ)) .
وهذا يدلُّ على أنَّ هذا حقُّ للمسلم على المسلم، فلا يُساويه الكافر في ذلك، بل يجوزُ للمسلم أن يبتاعَ على بيع الكافر، ويَخطُبَ على خِطبته، وهو قولُ الأوزاعيِّ (¬2) وأحمدَ، كما لا يثبتُ للكافر على المسلم حقُّ الشُّفعة عنده، وكثيرٌ من الفُقهاء ذهبوا إلى أنَّ النَّهي عامٌّ في حقِّ المسلم والكافر.
واختلفوا: هلِ النَّهيُ للتَّحريم، أو للتَّنزيه، فمِنْ أصحابنا من قال: هو للتَّنزيه دونَ التَّحريم، والصَّحيحُ الذي عليه جمهورُ العلماء: أنَّه للتَّحريمِ.
واختلفوا: هل يصحُّ البيع على بيعِ أخيه، أوِ النِّكاحُ على خِطبته؟ فقال أبو حنيفة والشافعي (¬3) وأكثر أصحابنا: يَصِحُّ، وقال مالك في النِّكاح: إنَّه إن لم يدخل بها، فُرِّقَ بينهما، وإنْ دخل بها لم يُفرَّقْ (¬4) . وقال أبو بكر مِنْ أصحابنا في البيع والنِّكاحِ: إنَّه باطلٌ بكلِّ حالٍ، وحكاه عن أحمد.
ومعنى البيع على بيع أخيه: أنْ يكونَ قد باع منه شيئاً، فيبذُل للمشتري سلعتَه ليشتريها، ويفسخ بيعَ الأوَّلِ.
¬_________
(¬1) في " صحيحه " 4/139 (1414) .
(¬2) انظر: التمهيد 13/319.
(¬3) " التمهيد " 13/23.
(¬4) انظر: التمهيد 13/23.

الصفحة 983