كتاب جامع العلوم والحكم ت ماهر الفحل (اسم الجزء: 3)

وهل يختصُّ ذلك بما إذا كان البذلُ في مدَّة الخيار، بحيث يتمكَّن المشتري مِنَ الفسخِ فيه، أم هو عامٌّ في مدَّةِ الخيار وبعدَها؟ فيه اختلاف بين العلماء، قد حكاه الإمامُ أحمد في رواية حرب، ومال إلى القول بأنَّه عامٌّ في الحالينِ، وهو قولُ طائفةٍ من أصحابنا. ومنهم من خصَّه بما إذا كان ذلك في مدَّة الخيار، وهو ظاهرُ كلامِ أحمد في رواية ابن مشيش، ومنصوصُ الشَّافعي (¬1) ، والأوَّلُ أظهرُ، لأنَّ المشتري وإنْ لم يتمكَّنْ من الفسخ بنفسه بعد انقضاء مدة الخيار فإنَّه إذا رغب في ردِّ السِّلعة الأُولى على بائعها، فإنَّه يتسبَّب في ردِّها عليه بأنواع من الطُّرق المقتضية لضَرره، ولو بالإلحاح عليه في المسألة، وما أدَّى إلى ضررِ المسلم، كان محرَّماً، والله أعلم.
وقوله - صلى الله عليه وسلم -: ((وكونوا عباد الله إخواناً)) : هذا ذكره النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - كالتَّعليل لِما تقدَّم، وفيه إشارةٌ إلى أنَّهم إذا تركُوا التَّحاسُدَ، والتَّناجُشَ، والتَّباغُضَ (¬2) ،
والتدابرَ، وبيعَ بعضِهم على بيعِ بعضٍ، كانوا إخواناً.
وفيه أمرٌ باكتساب ما يصيرُ المسلمون به إخواناً على الإطلاق، وذلك يدخلُ فيه أداءُ حقوقِ المسلم على المسلم مِنْ رَدِّ السلامِ، وتشميت العاطس، وعيادة المريض، وتشييع الجنازة، وإجابةِ الدَّعوة، والابتداء بالسَّلام عندَ اللِّقاء، والنُّصح بالغيب.
وفي " الترمذي " (¬3)
عن أبي هُريرة، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، قال: ((تَهادَوا،
¬_________
(¬1) انظر: التمهيد 14/30.
(¬2) سقطت من (ص) .
(¬3) في " جامعه " (2130) .
وأخرجه: الطيالسي (2333) ، وأحمد 2/405، والقضاعي في " مسند الشهاب "

(656) ، وهو حديث ضعيف لضعف أحد رجال إسناده، وهو أبو معشر المدني.

الصفحة 984