كتاب جامع العلوم والحكم ت ماهر الفحل (اسم الجزء: 3)

قوله - صلى الله عليه وسلم -: ((بحسب امرئٍ مِنَ الشَّرِّ أنْ يحقِرَ أخاه المسلم)) يعني: يكفيه مِنَ الشرِّ احتقارُ أخيه المسلم، فإنَّه إنَّما يحتقرُ أخاه المسلم لتكبُّره عليه، والكِبْرُ من أعظمِ خِصالِ الشَّرِّ، وفي " صحيح مسلم " (¬1) عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أنَّه قال: ((لا يدخلُ الجنَّة من في قلبه مثقالُ ذرَّةٍ من كِبْرٍ)) .
وفيه أيضاً (¬2) عنه أنَّه قال: ((العزُّ إزاره والكبر (¬3) ردائه، فمن نازعني عذَّبتُه)) فمنازعته الله تعالى صفاته التي لا تليقُ بالمخلوق، كفى بها شراً.
وفي " صحيح ابن حبان " (¬4) عن فَضالة بنِ عُبيدٍ، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، قال:
((ثلاثة لا يُسأل عنهم: رجلٌ يُنازعُ الله إزاره، ورجلٌ يُنازع الله رداءه، فإنَّ رداءه الكبرياء، وإزاره العزُّ، ورجلٌ في شكٍّ من أمر الله تعالى والقُنوطِ من رحمة الله)) .
وفي " صحيح مسلم " (¬5) عن أبي هريرة، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، قال: ((من قال: هلكَ الناسُ، فهو أهلكهم (¬6)) ) قال مالك: إذا قال ذلك تحزُّناً لما يرى في الناس، يعني في دينهم فلا أرى به بأساً،
¬_________
(¬1) سبق تخريجه.
(¬2) 8/35 (2620) .
(¬3) في " صحيح مسلم ": ((والكبرياء)) .
(¬4) (4559) ، وهو حديث صحيح.
(¬5) 8/36 (2623) .
(¬6) جاء في " صحيح مسلم " عقب الحديث: ((قال أبو إسحاق: لا أدري، أهلَكَهم بالنصب أو أهلكُهم بالرفع)) ، وقال النووي في شرحه 8/347: ((روي (أهلكهم) وعلى وجهين مشهورين: رفع الكاف وفتحها، والرفع أشهر، ويؤيده أنَّه جاء في رواية رويناها في " حلية الأولياء " في ترجمة سفيان الثوري (فهو من أهلكهم) ، قال الحميدي في " الجمع بين الصحيحين ": الرفع أشهر، ومعناها أشدهم هلاكاً، وأما رواية الفتح فمعناها هو جعلهم هالكين، لا أنَّهم هلكوا في الحقيقة)) .

الصفحة 995