فيهم أربع عشرة ليلةً، ثم أرسل إلى بني النجّار، فجاءوا بالسُّيوف، فكأنّي أنظرُ إلى النّبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- على راحلته وأبو بكر رِدْفُه وملأُ بني النّجار حوله، حتى ألقى بفِناء أبي أيّوب. وكان يُحِبُّ أن يُصَلّيَ حيث أدْرَكتْهُ الصلاة، ويُصَلّي في مرابض الغنم، وأنّه أمرَ ببناء المسجد، فأرسلَ إلى بني النّجار، فجاءوا فقال: "يا بني النجار، ثامِنُوني بحائِطكم هذا"، قالوا: لا واللَّه، ما نطلُبُ ثَمَنَه إلّا إلى اللَّه. قال أنس: فكان فيه ما أقول لكم: قبورُ المُشركين، وفيه خِرَب، وفيه نخل، فأمرَ النّبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- بقُبور المشركين فنُبِشَت، ثم بالخِرَبِ فسُوَيَت، وبالنَّخل فقُطع، فصفُّوا النخل قِبْلَة المسجد، وجعلوا عِضادَتَه بالحجارة، وجعلوا ينقُلون الصَّخر وهم يَرْتَجِزون، والنّبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- معهم، وهو يقول: "اللهمّ لا خيرَ إلا خيرُ الآخرة، فاغفِر للأنصار والمهاجرة".
أخرجاه (١).
(٣٠٤) الحديث الحادي والثمانون بعد المائة: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا أبو كامل قال: حدّثنا إبراهيم بن سعد قال: حدّثنا ابن شهاب عن أنس بن مالك:
أنّه أبصرَ في يد رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- خاتَمًا من وَرِق يومًا واحدًا، فصنعَ النّاسُ خواتِيمَ من وَرِق (٢)، فطَرَحَ رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- خاتمه، فطَرَحَ النّاسُ خواتيمَهم.
أخرجاه (٣).
(٣٠٥) الحديث الثاني والثمانون بعد المائة: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا موسى ابن داود قال: حدّثنا زهير عن حميد عن أنس قال:
كان خاتَم النّبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- فضّة، فَصُّه منه.
انفرد بإخراجه البخاريّ (٤).
---------------
(١) البخاريّ ١/ ٥٢٤ (٤٢٨). وفي مسلم ١/ ٣٧٣ (٥٢٤)، والمسند ٢٠/ ٤٣٠ (١٣٢٠٨) عن عبد الوارث.
(٢) الوَرِق: الفضة.
(٣) المسند ٢٠/ ٧٨ (١٢٦٣١)، والبخاريّ ١٠/ ٣١٨ (٥٨٦٨) من طريق يونس وإبراهيم بن سعد وغيرهما عن الزّهري، ومسلم ٣/ ١٦٥٧ (٢٠٩٣) من طريق إبراهيم. وأبو كامل، مظفر بن مدرك، ثقة.
(٤) المسند ٢١/ ٣١٣ (١٣٨٠٢). وهو في البخاريّ ١٠/ ٣٢٢ (٥٨٧٠) من طريق حميد. وزهير بن معاوية من رجال الشيخين. وموسى بن داود روى له مسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجة، ثقة. فالحديث صحيح متنًا وإسنادًا. وقد روى مسلم ٣/ ١٦٥٨ (٢٠٩٤)، من طريق ابن شهاب عن أنس: كان خاتم رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- من ورق، وكان فصّهُ حبشيًا. وينظر الفتح ١٠/ ٣٢٢.