كتاب جامع المسانيد لابن الجوزي (اسم الجزء: 1)

ابن أنس عن أبي العالية عن أُبيّ بن كعب قال:
لمّا كان يوم أُحد قُتِل من الأنصار ستّون (١) رجلًا، ومن المهاجرين ستّة، فقال أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: لئن كان لنا يومٌ مثلُ هذا من المشركين لَنُرْبِيَن (٢) عليهم. فلمّا كان يوم الفتح قال رجل لا يُعرف: لا قُريشَ بعد اليوم. فنادى منادي رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: أَمِنَ الأسودُ والأبيض إلَّا فلانًا وفلانًا، ناسًا سمّاهم، فأنزل اللَّه تبارك وتعالى: {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ} [النحل: ١٢٦] فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "نصبرُ ولا نُعاقِب" (٣).
(٣٠) الحديث الثلاثون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا محمّد بن جعفر قال: حدّثنا عَوف عن الحسن عن عُتيّ بن ضَمرة عن أُبيّ بن كعب:
أنّ رجلًا اعتزى بعَزاء الجاهلية، فأعَضَّه ولم يَكْنِه، فنظر القومُ إليه، فقال للقوم: إنّي قد أرى الذي في أنفسكم، إني لم أستطع إلَّا أن أقول هذا، رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أمرَنا: "إذا سَمِعْتُم من يعتزي بعَزاء الجاهلية فأعِضُّوه ولا تَكْنُوا" (٤).
عَزاء الجاهلية: الانتساب والانتماء إليهم، كقولهم: يا لَفلان. ومعنى أعِضّوه: أن يقولوا له: اعضض بأير أبيك، ولا تَكْنُوا، تنكيلًا له (٥).
(٣١) الحديث الحادي والثلاثون: حدّثنا عبد اللَّه بن أحمد قال: حدّثني محمّد ابن عبد الرحيم أبو يحيى البزّاز قال: حدّثنا أبو حذيفة موسى بن مسعود قال: حدّثنا سفيان عن يونس بن عُبيد عن الحسن عن عُتَيّ عن أُبيّ بن كعب قال:
---------------
(١) في الأصلين والجامع ١/ ١٦٣، والأطراف ١/ ١٨٩ "ستّون". وفي الإتحاف ١/ ١٩٠ ومصادر التخريج "أربعة وستون"
(٢) أربى: زاد.
(٣) المسند ٥/ ١٣٥. وصحّحه ابن حبّان من طريق الفضل - الموارد ٤١١ (١٦٩٥)، والحاكم والذهبي ٢/ ٣٥٨، ٤٤٦ من الطريق نفسها، وأخرجه الترمذي ٥/ ٢٧٩ (٣١٢٩) وقال: حسن غريب من حديث أُبي، وصحّحه الألباني في صحيح الترمذي. وهو في المختارة ٣/ ٣٥٠ - ٣٥٢ (١١٤٣ - ١١٤٤). وينظر الإحسان ٢/ ٢٣٩ (٤٨٧).
(٤) المسند ٥/ ١٣٦، والمعجم الكبير ١/ ١٦٧ (٥٣٢) والمختارة ٤/ ١١ - ١٣ (١٢٤٢ - ١٢٤٤). وقد صحّحه ابن حبّان كما في الموارد (٨٨، ٧٣٦) من طريق عُتيّ، والألباني في الأحاديث الصحيحة ١/ ٥٣٧ (٢٦٩).
(٥) ينظر النهاية ٣/ ٢٣٣, ٢٥٢.

الصفحة 27