كتاب جامع المسانيد لابن الجوزي (اسم الجزء: 1)

أُبيّ، فأقيمتِ الصلاة، وخرج (١) مع أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقُمْتُ في الصفّ الأول، فجاء رجلٌ فنظر في وجوه القوم فعرفَهم غيري، فنحّاني وقام في مكاني، فما عَقَلْتُ صلاتي، فلمّا صلّى قال: يا بُنيَ، لا يَسُؤْك اللَّهُ؛ فإنّي لم آتِك بالذي أتيتُ بجهالة، ولكن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال لنا: "كونوا في الصفّ الذي يليني" وإني نظرتُ في وجوه القوم فعَرَفْتُهم غيرَك.
ثم حدَّثَ، فما رأيتُ الرجال مَتحَتْ أعناقها إلى شيء مُتوحها إليه. قال: فسمعْته يقول: هلك أهل العُقْدة، وربِّ الكعبة، ألا لا عليهم آسى، ولكنّي أسى على من يَهْلِكون من المسلمين. وإذا هو أُبيّ (٢).
مَتَحَتْ: رفعت. وأهل العقدة: أصحاب الولايات.
(٤٠) الحديث الأربعون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا محمّد بن جعفر قال: حدّثنا شُعبة قال: سمعْتُ أبا إسحق أنه سمع عبد اللَّه بن أبي بَصير يُحدِّث عن أُبيّ أنّه قال:
صلّى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- الصبحَ فقال: "شاهِدٌ فلان؟ " فقالوا: لا. فقال: "شاهِدٌ فلان؟ " فقالوا: لا. قال "شاهِدٌ فلان؟ ". فقالوا: لا. فقال: "إنّ هاتين الصّلاتين من أثقل الصلوات على المنافقين، ولو يعلمون ما فيهما لأَتَوهما ولو حَبوًا. والصفُّ المقدّم على مثل صفّ الملائكة، ولو تعلمون فضيلتَه لابتدرْتُموه. وصلاة الرّجل مع الرجل أزكى من صلاته وحده، وصلاته مع رجلين أزكى من صلاته مع ليجل، وما كان أكثرَ فهو أحبُّ إلى اللَّه تبارك وتعالى".
وقد رواه أبو إسحق عن عبد اللَّه بن أبي بَصير عن أبيه عن أبيّ بن كعب. قال أبو إسحق: سمعْتُه منه ومن أبيه (٣).
---------------
(١) في المسند ومسند الطيالسي "وخرج عمر. . . ".
(٢) المسند ٥/ ١٤٠ ومسند الطيالسي ٧٥ (٥٥٥) وصحّحه الحاكم والذهبي من طريق شُعبة على شرط الشيخين ٤/ ٥٢٦. وإياس، ثقة، من رجال التعجيل ٤٤. وسائر رجال الصحيح. والحديث من طريق أبي مجلز عن قيس بن عباد أخرجه النسائي ٢/ ٨٨، وصحّحه ابن خزيمة ٣/ ٣٣ (١٥٧٣)، وابن حبّان ٥/ ٥٥٥ (٢١٨١)، والألباني. وينظر المختارة ٤/ ٢٩ - ٣٢ (١٢٥٧ - ١٢٥٩).
(٣) المسند ٥/ ١٤٠. ورجاله رجال الصحيح، عدا عبد اللَّه بن أبي بصير، وأبيه، وثّقهما ابن حبّان. وقد أخرجه من طريق شُعبة أبو داود ١/ ١٥١ (٥٥٤)، والنسائي ٢/ ١٠٤، وصحّحه ابن خزيمة ٢/ ٣٦٦، ٣٦٧ (١٤٧٦، ١٤٧٧)، وابن حبّان ٥/ ٤٠٥ (٢٠٥٦)، وحسّنه الألباني. وينظر الحاكم والذهبي ١/ ٢٤٧ - ٢٤٩.

الصفحة 32