كتاب جامع المسانيد لابن الجوزي (اسم الجزء: 1)

(٤١) الحديث الحادي والأربعون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا عفّان قال: حدّثنا حمّاد بن سلمة عن ثابت عن أبي رافع عن أُبيّ بن كعب:
أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يعتكف في العَشر الأواخر من رمضان، فسافر سنةً فلم يعتكف، فلمّا كان العامُ المقبلُ اعتكف عشرين يومًا (١).
(٤٢) الحديث الثاني والأربعون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا يعقوب قال: حدّثنا أبي عن محمّد بن اسحق قال: حدّثنا عبد اللَّه بن أبي بكر بن محمّد بن عمرو بن حزم عن يحيى بن عبد اللَّه بن عبد الرحمن بن سعد بن زُرارة عن عمارة بن عمرو بن حزم عن أبيّ ابن كعب قال:
بعثني رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- مُصَدَّقًا (٢) على بَلِيٍّ وعُذرة وجميع بني سعد بن هُذَيم من قُضاعة. قال: فصدّقْتُهم حتى مَرَرْتُ بآخر رجلٍ منهم، وكان منزلُه وبلدُه من أقرب منازلهم إلى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بالمدينة، فلمّا جمع إليّ ماله لم أجد عليه فيه إلا أبنةَ مَخاض (٣)، فأخبرْتُه أنها صدقتُه. فقال: ذاك ما لا لبن فيه ولا ظهر، وايمُ اللَّه، ما قام في مالي رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ولا رسولٌ له قطّ قبلَك، وما كنت لأُقرِضَ اللَّه تبارك وتعالى من مالي ما لا لبنَ فيه ولا ظهرَ، ولكن هذه ناقةٌ فتيّة سمينة، فخُذْها. قال: فقلتُ: ما أنا بآخذٍ ما لم أُؤمرْ به، فهذا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- منك قريب، فإن أحببْتَ أن تأتيَه فتعرضَ عليه ما عرضْتَ عليّ فافعلْ، فإن قَبِلَه منك قَبِلَه، وإن ردَّه عليك ردَّه. قال: فإنّي فاعل. قال: فخرج معي، وخرج بالناقة التي عرضَ عليّ حتى قدِمْنا على رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقال له: يا نبيّ اللَّه، أتاني رسولُك ليأخذَ منّي صدقةَ مالي، وايم اللَّه ما قام في مالي رسول اللَّه ولا رسول له قطُّ قبلَه، فجمعْتُ له مالي، فزعم أنّما عليّ فيه ابنةُ مَخاض، وذلك ما لا لبنَ فيه ولا ظهر، وقد عَرَضْتُ عليه ناقةً فتيّةً سمينةً ليأخذَها فأبى عليّ ذلك، وقال: ها هي هذه قد جئتُك بها يا رسول اللَّه، خُذْها. فقال له رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ذلك الذي عليك، فإن تَطوّعْتَ بخيرٍ
---------------
(١) المسند ٥/ ١٤١، وهو من طريق حمّاد في سنن أبي داود ٣/ ٣٣١ (٢٤٦٣)، وابن ماجة ١/ ٥٦٢ (١٧٧)، وابن حبّان ٨/ ٤٢٢ (٣٦٦٣). وصحّحه ابن خزيمة ٣/ ٣٤٦ (٢٢٢٥)، والحاكم والذهبي ١/ ٤٣٩، وهو في المختارة ٤/ ٤٥ - ٤٨ (١٢٧١ - ١٢٧٧). وصحّحه المحقّقون.
(٢) المصدّق: الذي يجمع الصدقات.
(٣) ابنة المخاض: التي أتى عليها حول ودخلت في الثاني.

الصفحة 33