كتاب جامع المسانيد لابن الجوزي (اسم الجزء: 1)

ذلك. قال: فأوضعَ على بعير فأدرَكه وأنا في أثَره، فقال: يا رسول اللَّه، أيَّ المال نتخذُ؟ قال: "ليتَّخِذْ أحدُكم قلبًا شاكرًا، ولسانًا ذاكرًا، وزوجةً تُعينه على أمر الآخرة" (١).
(٨١٣) الحديث الخامس والعشرون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا سُليمان بن حرب قال: حدّثنا حمّاد - يعني ابن زيد عن أيوب عن أبي قِلابة عن أبي أسماء عن ثوبان قال:
قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إنّ اللَّه عزّ وجلّ زوى (٢) لي الأرضَ، فرأيْتُ مشارقَها ومغاربَها، وإن مُلكَ أُمّتي سيبلغُ ما زُوي لي منها. وإنّي أُعطيتُ الكَنزين الأحمر والأبيض (٣). وإنّي سألْتُ ربّي لأُمّتي ألا يُهْلَكوا بسَنة بعامّة (٤)، ولا يُسَلِّطَ عليهم عدوًّا من سوى أنفسهم يستبيحُ بيضتهم (٥). وإنّ ربّي عزّ وجلّ قال: يا محمّد، إنّي إذا قضيتُ قضاءً فإنّه لا يُرَدّ، وإنّي أعطيتُك لأمّتك ألا أُهلِكَهم بسنة بعامّة، ولا أُسَلّط عليهم عدوًّا من سوى أنفسهم يستبيحُ بيضَتهم ولو اجتمع عليهم من بين أقطارها، حتى يكون بعضُهم يسبي بعضًا، وإنّما أخافُ على أُمَّتي الأئمّة المُضلّين، وإذا وُضع في أُمّتي السيفُ لم يُرفع عنهم إلى يوم القيامة، ولا تقومُ الساعةُ حتى تلحقَ قبائل من أُمّتي بالمشركين، حتى تَعْبُدَ قبائلُ من أمّتي الأوثانَ. وإنّه سيكون في أُمّتي كذابون ثلاثون، كلُّهم يزعمُ أنّه نبيّ، وأنا خاتم النبيّين، لا نبيَّ بعدي. ولا يزال طائفة من أُمّتي على الحقّ ظاهرين، لا يضُّرهم من خالَفَهم حتى يأتيَ أمرُ اللَّه عزّ وجلّ".
انفرد بإخراجه مسلم (٦).
---------------
(١) المسند ٥/ ٢٨٢. وعبد اللَّه بن مرّة وثّقه ابن حبّان، وروى له ابن ماجة هذا الحديث - التهذيب ٤/ ٢٢٥. وسائر رجاله رجال الصحيح، إلّا أنّ سالمًا لم يرو عن ثوبان - كما ذكر الأئمة. وأخرجه ابن ماجة ٢/ ٥٩٦ (١٨٥٦) بهذا الإسناد، وأخرج الترمذي عن سالم عن ثوبان مثله ٥/ ٢٥٧ (٣٠٩٤) وقال عنه: حسن. وصحّحه الألباني. وينظر الصحيحة ٥/ ٢٠٨ (٢١٧٦).
(٢) زوى: جمع.
(٣) وهما الذهب والفضة.
(٤) السنة العامة: القحط.
(٥) بيضتهم: جماعتهم.
(٦) المسند ٥/ ٢٧٨. وهو في مسلم من طريق حمّاد إلى قوله ". . . حتى يكون بعضهم يسبي بعضًا" ٤/ ٢٢١٥ (٢٨٨٩) وبتمامه في ابن ماجة ٤/ ١٣٠٢ (٣٩٥٢) عن قتادة عن أبي قِلابة. وصحّحه ابن حبّان بتمامه من طريق حمّاد ١٦/ ٢٢٠ (٧٢٣٨).

الصفحة 399