كتاب جامع المسانيد لابن الجوزي (اسم الجزء: 1)

عبّاس فقال: إني لم أسمعْه من رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، لكنّ أسامة بن زيد حدّثني أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "ليس الرّبا إلا في النسيئة أو النّظِرة" (١).
(٦٢) الحديث السابع: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا عبد الرزّاق قال: حدّثنا معمر عن الزّهري عن عروة بن الزُّبير: أن أسامة بن زيد أخبره:
أنّ النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- رَكِبَ حمارًا عليه إكاف تحته قطيفة فَدَكيّة (٢)، وأردفَ وراءَه أسامة بن زيد، وهو يعودُ سعدَ بن عُبادة في بني الحارث بن الخزرج، وذلك قبلَ وقعة بدر، حتى مرّ بمجلس فيه أخلاطٌ من المسلمين والمشركين عبدةِ الأوثان واليهود، فيهم عبدُ اللَّه بن أُبيّ، وفي المجلس عبدُ اللَّه بن رَواحة، فلمّا غشِيَت المجلسَ عَجاجة الدّابّة خمَّرَ عبدُ اللَّه ابن أبيّ أنفَه برِدائه، ثم قال: لا تُغَبِّروا علينا. فسَلَّم عليهم النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، ثم وقف فنزلَ، فدعاهم إلى اللَّه وقرأ عليهم القرآن، فقال له عبدُ اللَّه بن أُبيّ: أيُّها المرءُ، لا أحسنَ من هذا إنْ كان ما تقول حقًّا، فلا تُؤْذِنا في مجالسنا وارجعْ إلى رَحلك، فمن جاءَك منّا فاقْصُص عليه. قال عبد اللَّه بن رواحة: اغْشَنا به في مجالسنا؛ فإنا نُحِبُّ ذلك. فاستبّ المسلمون والمشركون واليهود حتى همُّوا أن يتواثبوا، فلم يزلِ النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- يُخَفِّضُهم، ثم ركب دابَّتَه حتى دخل على سعد بن عُبادة، فقال: "أيْ سعدُ، ألم تسمعْ ما قال أبو حُباب؟ -يريد عبدَ اللَّه بن أُبيّ-، قال كذا وكذا" فقال: اعفُ عنه يا رسول اللَّه واصْفَح، فواللَّه لقد أعطاك اللَّهُ الذي أعطاكَ ولقد اصطلح أهلُ هذه البُحَيرة أن يتوّجوه فيعصبونه (٣) بالعصابة، فلمّا ردّ اللَّهُ ذلك بالحقّ الذي أعطاكَه، شَرِق (٤) بذلك، فذاك فعل به ما رأيت. فعفا عنه رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-.
أخرجاه (٥).
---------------
(١) المسند ٤/ ٢٠٦، والمعجم الكبير ١/ ١٣٧ (٤٣٥) وإسناده صحيح: عطاء بن أبي رباح، ومحمّد بن بكر بن عثمان البرسانيّ، روى لهما الجماعة. ويحيى بن قيس ثقة، روى له أبو داود والترمذي والنسائي.
(٢) الإكاف للحمار كالسّرج للفرس. وفدكيّة نسبة إلى فَدَكْ مكان قريب من المدينة.
(٣) كذا في المخطوطتين والمسند. ويروى "فيعصَبوه"، ولكلّ وجه.
(٤) شَرِقَ: غصّ وضاق.
(٥) المسند ٥/ ٢٠٣، ومسلم ٣/ ١٤٢٢ (١٧٩٨). ومن طريق الزهري أخرجه البخاريّ ٨/ ٢٣٠ (٤٥٦٦)، وينظر أطرافه ٦/ ١٣١ (٢٩٨٧).

الصفحة 47