كتاب جامع المسانيد لابن الجوزي (اسم الجزء: 3)

يَرْتَقِيَه قبلَ أن يصلّيَ، فخبَذْتُ بثوبه فجَبَذَني، فارتفعَ فخطبَ قبلَ الصلاة، فقلتُ له: غَيَّرْتُم واللَّه. فقال: يا أبا سعيد، قد ذهبَ ما تعلم. فقلتُ: ما أعلم -واللَّهِ- خيرٌ ممّا لا أعلم. فقال: إنّ النّاس لم يكونوا يجلسون لنا بعد الصلاة، فجعَلْتُها قبل الصلاة.
أخرجاه (١).
(٢٠٥٩) الحديث التاسع والعشرون بعد المائة: حدّثنا البخاري قال: حدّثنا عبد اللَّه بن يوسف قال: أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن عطاء بن يزيد الليثي عن أبي سعيد الخدري:
أن ناسًا من الأنصار سألوا رسولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فأعطاهم، ثم سألوه فأعطاهم (٢)، حتى نَفَدَ ما عنده، فقال: "ما يكونُ عندي من خير فلن أدَّخِرَه عنكم، ومن يَسْتَعْفِفْ يُعِفَّه اللَّه، ومن يَسْتَغْنِ يُغْنِه اللَّه، ومن يَتَصَبَّرْ يُصَبِّرْه اللَّه، وما أُعْطِي أحدٌ عطاءً خيرًا وأوسع من الصبر".
أخرجاه (٣).
* طريق آخر:
حدّثنا أحمد قال: حدّثنا حجّاج قال: حدّثنا شعبة قال: سمعتُ أبا حمزة يحدّث عن هلال بن حِصن قال:
نزلتُ على أبي سعيد، فضمَّني وإيّاه المجلسُ. قال: فحدَّثَ أنّه أصبحَ ذاتَ يوم وقد عَصَبَ على بطنه حجَرًا من الجوع، فقالت له امرأته وأُمُّه (٤): ائتِ النبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- فاسأله، فقد أتاه فلان فسأله فأعطاه، وأتاه فلان فسأله فأعطاه. قال: قلتُ: حتى ألتمسَ شيئًا. قال: فالتمستُ فلم أجد شيئًا، فأتيتُه وهو يخطُبُ، فأدركت من قوله وهو يقول: "من يَسْتَعْفِفْ يُعِفَّه اللَّه، ومن يَسْتَغْنِ يُغْنِه اللَّه، ومن سألَنا إما أن نَبْذُلَ له وإمَا أن نُواسِيَه -أبو حمزة الشاكّ- ومن يَسْتَعِفُّ عنا أو يستغني أحبُّ إلينا ممّن يسألنَا". قال: فرجعْتُ فما سألتُه
---------------
(١) البخاري ٢/ ٤٤٨ (٩٥٦)، وهو في مسلم من طريق عياض بن عبد اللَّه ٢/ ٦٠٥ (٨٨٩).
(٢) وفي البخاري -دون مسلم - "ثم سألوه فأعطاهم" مرة ثالثة.
(٣) البخاري ٣/ ٣٣٥ (١٤٦٩)، ومن طريق مالك في مسلم ٢/ ٧٢٩ (١٠٥٣). والحديث في المسند ١٨/ ٣٨٧، ٣٨٨ (١١٨٩٠، ١١٨٩١) من طريق معمر ومالك عن الزهري.
(٤) في المسند "أو أمّه".

الصفحة 131