كتاب جامع المسانيد لابن الجوزي (اسم الجزء: 3)

له، فلمّا انقضَين أمر ببنائه فنُقِضَ، ثم أُبينت له أنها في العَشر الأواخر، فأمر بالبناء فأُعيد، ثم اعتكفَ العشر الأواخر، ثم خرج على النّاس فقال: "يا أيّها الناسُ، إنها أُبِينت لي ليلةُ القدر، فخرجتُ لأخْبِرَكم بها، فجاء رجلان يحتقّان (١) معهما الشيطان، فنُسِّيتُها، فالتمسوها في التاسعة والسابعة والخامسة" فقلتُ: يا أبا سعيد، إنّكم أعلمُ بالعدد منّا. قال: أنا أحقُّ بذلك منكم. فما التاسعة والسابعة والخامسة؟ قال: تَدَعُ التي تَدْعون إحدى وعشرين، والتي تليها التاسعة، وتَدعُ التي تَدْعون ثلاثًا وعشرين، والتي تليها السابعة، وتَدَعَ التي تَدْعون خمسًا وعشرين، والتي تليها الخامسة.
انفرد بإخراجه مسلم (٢).
* طريق آخر:
حدّثنا أحمد قال: حدّثنا عفّان قال: حدّثنا حمّاد بن سلَمة عن حُميد عن أبي نَضرة عن أبي سعيد:
أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "اطلُبوا ليلةَ القَدر في العشر الأواخر، في تسعٍ يَبْقَيْن، وسبعٍ يَبْقَيْن، وخمسٍ يَبْقَيْن، وثلاثٍ يَبْقَيْن" (٣).
(١٩٤٠) الحديث العاشر: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا يزيد قال: حدّثنا هشام بن أبي عبد اللَّه الدَّستوائي عن يحيى بن أبي كثير عن هلال بن أبي ميمونة عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري قال:
خَطَبَنا رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ذاتَ يوم وصَعِدَ المِنْبَرَ، وجَلَسْنا حولَه، فقال: "إنّ ممّا أخافُ عليكم بعدي ما يُفْتَحُ عليكم من زهرة الدنيا وزينتها" فقال رجل: يا رسول اللَّه، أوَ يأتي الخيرُ بالشرِّ؟ فسكت عنه رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وأُرِينا أنّه يُنْزَلُ عليه، فقيل له: ما شأنُكُ تُكَلِّمُ رسولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ولا يُكَلِّمُك؟ فسُرِّي عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فجعل يمسحُ عنه الرُّحَضاء، فقال: "أين السائل"؟ وكأنه حَمِده، فقال: "إنّ الخيرَ لا يأتي بالشَرِّ، وإنّ مِمّا يُنْبِتُ الربيعُ يقتلُ حَبَطًا (٤). ألم ترَ إلى آكِلة الخَضِرة، أكَلَت حتى إذا امتلأت خاصِرتاها واستقبلت عينَ
---------------
(١) في المسند "يحيفان" أي يجوران ويظلمان.
(٢) المسند ١٧/ ١٣٢ (١١٠٧٦)، ومسلم ٢/ ٨٢٦ (١١٦٧) من طريق سعيد عن أبي نضرة، وإسماعيل ثقة.
(٣) المسند ١٨/ ٢١٥ (١١٦٧٩). وإسناده صحيح على شرط مسلم، وهو حديث صحيح.
(٤) في المسند "يقتل أو يُلمّ حبطًا" وفي البخاري: "يقتل حبطًا أو يُلِمّ" وفي مسلم: "يقتل أو يلمّ". ويلمّ: يقارب.

الصفحة 71