كتاب جامع المسانيد لابن الجوزي (اسم الجزء: 4)

كَسَفَتِ الشمسُ على عهد رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقام وقُمْنا معه، فأطال القيام حتى ظننّا أنّه ليس براكع، ثم ركع فلم يَكَدْ يرفعُ رأسه، ثم رفع فلم يَكَدْ يسجُد، ثم سجد فلم يَكدْ يرفعُ رأسه، ثم جلس فلم يَكَدْ يسجد، ثم سجد فلم يَكَدْ يرفع رأسه، ثم فعل في الركعة الثانية كما فعل في الأُولى، وجعل ينفُخُ في الأرض ويبكي وهو ساجد في الركعة الثانية، وجعل يقول: "رَبِّ، لِمَ تُعَذِّبُهم وأنا فيهم؟ ربِّ، لِمَ تُعَذِّبُنا ونحن نستغفرُك؟ " فرفع رأسه حتى تجلّتِ الشمس، وقضى صلاته، فحَمِدَ اللَّه وأثنى عليه، ثم قال: "إنّ الشمس والقمر آيتان من آيات اللَّه عزّ وجلّ، فإذا كسفَ أحدُهما فافْزَعوا إلى المساجِد، فوالذي الذي نفسي بيده، لقد عُرِضَتْ عليَّ الجنّةُ، حتى لو أشاءُ لتعاطَيْتُ بعض أغصانها، وعُرِضَتْ عليَّ النَّارُ حتى إنّي لأطفِئُها خشيةَ أن تغشاكم، ورأيْتُ فيها امرأةً من حِميَرَ، سوداءَ طُوالةً، تُعَذَّبُ بهرّة لها، تربُطُها، فلم تطعمْها ولم تَسْقِها، ولا تَدَعُها تأكلُ من خَشاش الأرض، كلّما أَقْبَلتْ نَهَشَتْها، وكلّما أدبرت نَهَشَتْها، ورأيتُ فيها أخا بني دُعْدُع، ورأيت صاحب المِحْجَن متكئًا على محْجَنه، كان يسرق الحاجّ بمحْجَنه، فإذا علموا به قال: لستُ أنا أسرِقُكم، إنّما تعلَّقَ بِمِحجَني" (١).
(٣٧٩٥) الحديث السابع والأربعون بعد المائة: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا مُعَمَّر بن سليمان قال: حدّثنا الحجّاج عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدّه قال:
جاء رجلٌ إلى النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال: يا رسول اللَّه، الرجل يغيبُ لا يقدِرُ على الماء، أيُجامعُ أهلَه؟ قال: "نعم" (٢).
(٣٧٩٦) الحديث الثامن والأربعون بعد المائة: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا حسن ابن موسى قال: حدّثنا ابن لهيعة قال: أخبرنا أبو قَبيل عن مالك بن عبد اللَّه عن عبد اللَّه ابن عمرو بن العاص:
---------------
(١) المسند ١١/ ٢١ (٦٤٨٣). وحسّن المحقّقون الحديث. وقد أخرج الحديث النسائي من طريق شعبة عن عطاء ٣/ ١٤٩، وأبو داود مختصرًا ١/ ٣١٠ (١١٩٤) عن حمّاد عن عطاء، ومن طريق جرير عن عطاء صحّحه ابن خزيمة ٢/ ٣٢٢ (١٣٩٢)، وابن حبّان ٧/ ٧٩ (٢٨٣٨).
(٢) المسند ١١/ ٦٦٨ (٧٠٩٧). قال الهيثمي ١/ ٢٦٨: رواه أحمد، وفيه الحجّاج بن أرطاة، وفيه ضعف، ولا يتعمّد الكذب. وحسّن المحقّقون الحديث، وذكروا شواهده.

الصفحة 457