كتاب جامع المسانيد لابن الجوزي (اسم الجزء: 4)

أصواتُهما، فقال: "إنما هَلَكت الأُمَمُ قَبْلَكم باختلافهم في الكتاب".
انفرد بإخراجه مسلم (١).
(٣٨٣٦) الحديث الثامن والثمانون بعد المائة: حدّثنا البخاري قال: حدّثنا سعيد ابن أبي مريم قال: حدّثنا نافع بن عمر عن ابن أبي مليكة قال: قال عبد اللَّه بن عمرو:
قال النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "حوضي مسيرِةُ شهر، ماؤه أبيض من اللَّبَن، وريحُه أطيب من المِسْك، وكيزانه كنجوم السماء، من شَرِبَ منه فلا يظمأُ أبدًا".
أخرجاه (٢).
(٣٨٣٧) الحديث التاسع والثمانون بعد المائة: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا أبو معاوية عن الأعمش عن زيد بن وهب عن عبد الرحمن بن عبد ربّ الكعبة قال: انتهيت إلى عمرو بن العاص وهو جالسٌ في ظلّ الكعبة، فسمعْتُه يقول:
بينما نحن مع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في سفر، إذ نزل منزلًا، فمنّا من يضربُ خباءه، ومنّا من هو في جَشَره، ومنّا من ينتضل (٣)، إذ نادى مناديه: الصلاة جامعة. فاجتمعْنا فقام رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فخَطبَنا فقال: "إنّه لم يكن نبيٌّ قبلي إلا دلّ أمّته على ما يعلمه خيرًا لهم، وحذَّرَهم ما يعلمُه شرًّا لهم، وإنّ أمّتكم هذه جُعِلَتْ عافيتُها في أوّلها، وإن آخرَها سيُصيبُهم بلاءٌ شديد وأمورٌ تُنْكِرونها، تجيء فتنٌ يُرقِّقُ بعضُها لبعض، تجيء الفتنةُ فيقول المؤمن: هذه مُهلكتي، ثم تنكشف، ثم تجيء الفتنة فيقول المؤمن: هذه، ثم تنكشف. فمن سرَّه منكم أن يُزَحْزَحَ عن النّار وأن يُدخلَ الجنّة فلتدركْه موتتُه وهو يؤمن باللَّه واليوم الآخر، وليأتِ إلى النّاس الذي يُحبّ أن يُؤتَى إليه. ومن بايعَ إمامًا، فأعطاه صفقة يده وثمرة قلبه، فَلْيُطِعْه ما استطاع، فإن جاء آخرُ يُنازِعُه فاضربوا عُنُقَ الآخر".
قال: فأدخلْتُ رأسي من بين النّاس، فقلت: أنْشُدُك باللَّه، أنت سَمِعْت هذا من رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-؟ قال: فأشار بيده إلى أُذُنَيْه فقال: سَمِعَتْه أُذُنايَ ووعاه قلبي. قال: فقلت: هذا ابنُ عمك معاوية - يعني يأمرُنا بأكل أموالنا بيننا بالباطل، وأن نقتلَ أنفسنا، وقد قال
---------------
(١) المسند ١١/ ٤٠٥ (٦٨٠١). ومن طريق حمّاد بن زيد في مسلم ٤/ ٢٠٥٣ (٢٦٦٦).
(٢) البخاري ١١/ ٤٦٣ (٦٥٧٩)، ومسلم ٤/ ١٧٩٣ (٢٩٢٢) من طريق نافع.
(٣) الجَشَر: الدوابّ. وينتضل: يرامي بعضهم بعضًا.

الصفحة 471