كتاب جامع المسانيد لابن الجوزي (اسم الجزء: 5)

أنّهم كانوا يحملون اللَّبِنَ إلى بناء المسجد ورسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- معهم. قال: فاستقبَلْتُ رسولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وهو عارضٌ لَبِنةً على بطنه، فظَنَنْتُ أنّها قد شقَّت عليه، قلت: ناوِلْنيها يا رسول اللَّه. قال: "خُذ غيرَها يا أبا هريرة، فإنّه لا عيشَ إلا عَيْشُ الآخرة" (١).
هذا الحديث بعيد الصحّة. قال يحيى بن معين: عمرو بن أبي عمرو لا يُحْتَجُ بحديثه. وبعيد من جهة أخرى: وهو أن بُنيان المسجد كان في أوّل سِني الهجرة، ولم يكن أبو هريرة أسلم، وعلى تقدير الصحّة يكون مَرَمّةً للمسجد، وفي هذا بعد.
(٥٢٠٥) الحديث الثاني والسبعون بعد الثمانمائة: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا سعيد ابن منصور قال: حدّثنا يعقوب بن عبد الرحمن عن أبي حازم عن أبي صالح عن أبي هريرة:
أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "عليك السمعَ والطاعةَ في عُسرك، ويُسرك، ومَنْشَطِك، ومَكْرَهك، وأَثَرَةٍ عليك".
انفرد بإخراجه مسلم (٢).
(٥٢٠٦) الحديث الثالث والسبعون بعد الثمانمائة: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا سعيد بن منصور قال: حدّثنا عبد العزيز بن محمد قال: حدّثني محمد بن عبد اللَّه بن الحسن بن علي بن أبي طالب عن أبي الزّناد عن الأعرج عن أبي هريرة قال:
قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إذا سجدَ أحدُكم فلا يَبْرُكْ كما يَبْرُكُ الجملُ، وليضعْ يدَيه ثم ركبتيه" (٣).
---------------
(١) المسند ١٤/ ٥١٢ (٨٩٥١). قال الهيثمي ٢/ ١٢: رجاله رجال الصحيح. وليس كذلك، فالمطلّب بن عبد اللَّه بن حنطب روى له أصحاب السنن، وهو صدوق، لكنه كثير الإرسال والتدليس، وحديثه عن أبي هريرة مرسل. أما عمرو بن أبي عمرو فروى له الجماعة، وقيل فيه: ثقة، ربما وهم، وضعّفه بعض العلماء، ومنهم ابن معين. وينظر تهذيب الكمال ٥/ ٤٤٧، والتقريب ١/ ٤٤٤. ومع ضعف إسناده، ففي متنه ما قال المؤلّف ابن الجوزي تعليقًا عليه.
(٢) المسند ١٤/ ٥١٤ (٨٩٥٣)، ومسلم ٣/ ١٤٦٧ (١٨٣٦).
(٣) المسند ١٤/ ٥١٥ (٨٩٥٥)، وسنن أبي داود ١/ ٢٢٢ (٨٤٠)، ومن طريق عبد العزيز بن محمد في النسائي ٢/ ٢٠٧. قال الألباني في الإرواء ٢/ ٧٨: هذا سند صحيح، رجاله كلّهم ثقات رجال مسلم غير محمد بن عبد اللَّه بن الحسن، وهو ثقة، كما قال النسائي وغيره. . . قال: وقد أعلّه بعضهم، وذكر العلل، وردّ عليها.

الصفحة 554