كتاب جامع المسانيد لابن الجوزي (اسم الجزء: 8)

رسول الله، إن أُمّي قَدِمَتْ وهي راغبةٌ، أفأصِلُها؟ قال: نعم، صِلي أُمَّك.
أخرجاه (١).
وفي قولها: راغبة، قولان. أحدهما: راغبة عن ديني. والثاني: راغبة في صلتي.
(٦٩٨٦) الحديث الحادي عشر: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا أبو أُسامة قال: حدّثنا
هشام بن عروة قال: أخبرني أبي عن أسماء ابنة أبي بكر قالت:
تزوَّجَني الزبيرُ وما له في الأرض من مال ولا مملوك ولا شيء غيرُ فرسه، فكنتُ أَعلِفُ
فرسَه، وأكفيه مُؤْنَتَه، وأسوسُه، وأدُقُّ النَّوى لناضِحِه، وأعلِفُه، وأستقي الماء، وأخرِزُ
غَرْبَه (٢)، وأعجِنُ، ولم أكن أُحْسِنُ أَخبِزُ، وكان يخبزُ لي جاراتٌ من الأنصار، وكُنّ نسوةَ
صِدق، وكنتُ أنقُلُ النَّوى من أرض الزُّبير التي أقطعَه رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - على رأسي، وهي منّي على ثُلُثَي فَرسخ. قالت: فجئتُ يومًا والنَّوى على رأسي، فلقيتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومعه نَفَرٌ من أصحابه، فدعاني ثم قال: "إخْ، إخْ" ليحملَني خلفَه، قالت: فاستحيَيْتُ أن أسيرَ مع الرجال وذكرتُ الزبيرَ وغَيرتَه. قالت: وكان أغيرَ الناس، فعَرَفَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنّي قد استحييتُ، فمضى، فجئتُ الزبيرَ فقلتُ: لَقِيَني رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - وعلى رأسي النّوى ومعه نفَرٌ من أصحابه، فأناخَ بعِيرَه لأركبَ معه، فاستحيَيْتُ وعَرفْتُ غيرتَك. فقال: والله لَحَمْلُك النَّوى كان أشدَّ علىّ من ركوبك معه. قالت: حتى أرسل أبو بكر بعد ذلك بخادم
فكَفَتْني سِياسةَ الفرس، فكأنّما أعْتَقَني.
أخرجاه (٣).
(٦٩٨٧) الحديث الثاني عشر: وبالإسناد عن أسماء
أنَّها حَمَلَت بعبدالله بن الزبير بمكّه، قالت: فخرجْتُ وأنا مُتِمٌّ (٤)، فأتيتُ المدينة،
فنزلْنا بقُباء، فولَدْتُه بقُباء، ثم أتيتُ به رسولَ الله فوضَعْتُه في حجره، ثم دعا بتمرة
فمضَغَها، ثم تَفَلَ في فيه. فكان أوّلَ ما دخل في جوفه ريقُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ثم حنّكه
---------------
(١) المسند ٦/ ٣٤٧، وأخرجه الشيخان من طريق هشام: البخاري ٥/ ٢٣٣ (٢٦٢٠)، ومسلم ٢/ ٦٩٦ (١٠٠٣).
(٢) الغَرْب: الدلو.
(٣) المسند ٦/ ٣٤٧، والبخاري ٩/ ٣١٩ (٥٢٢٤)، ومسلم ٤/ ١٧١٦ (٢١٨٢).
(٤) المُتِمّ: التي أتمّت الحمل.

الصفحة 10