كتاب الجمع بين الصحيحين (اسم الجزء: 2)
فَكنت أخدم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كلما نزل، فَكنت أسمعهُ يكثر أَن يَقُول.
" اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ بك من الْهم والحزن، وَالْعجز والكسل، وَالْبخل، والجبن، وضلع الدّين، وَغَلَبَة الرِّجَال " فَلم أزل أخدمه حَتَّى أَقبلنَا من خَيْبَر، وَأَقْبل بصفيه بنت حييّ قد حازها، فَكنت أرَاهُ يحوي وَرَاءه بعباءة أَو بكساء، ثمَّ يردفها وَرَاءه، حَتَّى إِذا كُنَّا بالصهباء صنع حَيْسًا فِي نطع، ثمَّ أَرْسلنِي فدعوت رجَالًا فَأَكَلُوا، وَكَانَ ذَلِك بناءه بهَا، ثمَّ أقبل حَتَّى إِذا بدا لَهُ أحد قَالَ: " هَذَا جبلٌ يحبنا ونحبه ". فَلَمَّا أشرف على الْمَدِينَة قَالَ: " اللَّهُمَّ إِنِّي أحرم مَا بَين جبليها مثل مَا حرم إِبْرَاهِيم مَكَّة، اللَّهُمَّ بَارك لَهُم فِي مدهم وصاعهم ".
وَفِي حَدِيث عبد الْغفار بن دَاوُد وَابْن وهب أَن أنسا قَالَ:
قدم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خَيْبَر. فَلَمَّا فتح الله عَلَيْهِ الْحصن ذكر لَهُ جمال صَفِيَّة بنت حييّ بن أَخطب، وَقد قتل زَوجهَا وَكَانَت عروساً، فاصطفاها رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لنَفسِهِ، فَخرج بهَا حَتَّى بلغنَا سد الروحاء، فَحلت فَبنى بهَا، ثمَّ صنع حَيْسًا فِي نطع صَغِير، ثمَّ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " آذن من حولك " فَكَانَت تِلْكَ وَلِيمَة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على صَفِيَّة ثمَّ خرجنَا إِلَى الْمَدِينَة قَالَ: فَرَأَيْت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يحوي لَهَا وَرَاءه بعباءة، ثمَّ يجلس عِنْد بعيره، فَيَضَع ركبته، فتضع صَفِيَّة رجلهَا على ركبته حَتَّى تركب.
وَقد أخرجَا هَذَا الطّرف الْمَذْكُور فِيهِ من الدُّعَاء بأتم من هَذَا من حَدِيث سُلَيْمَان التَّيْمِيّ عَن أنس قَالَ:
كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: " اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ بك من الْعَجز والكسل، والجبن، والهرم، وَالْبخل. وَأَعُوذ بك من عَذَاب الْقَبْر، وَأَعُوذ بك من فتْنَة الْمحيا وَالْمَمَات ".
الصفحة 537