كتاب الجمع بين الصحيحين (اسم الجزء: 2)

قَالَ أنس:
وَقد شهِدت وَلِيمَة زَيْنَب، فأشبع النَّاس خبْزًا وَلَحْمًا، وَكَانَ يَبْعَثنِي فأدعو النَّاس، فَلَمَّا فرغ قَامَ وتبعته، فَتخلف رجلَانِ استأنس بهما الحَدِيث لم يخرجَا، فَجعل يمرعلى نِسَائِهِ يسلم على كل وَاحِدَة مِنْهُنَّ: " سَلام عَلَيْكُم، كَيفَ أَنْتُم يَا أهل الْبَيْت؟ " فَيَقُولُونَ: بِخَير يَا رَسُول الله، كَيفَ وجدت أهلك؟ فَيَقُول: " بِخَير " فَلَمَّا فرغ رَجَعَ وَرجعت مَعَه، فَلَمَّا بلغ الْبَاب إِذا هُوَ بِالرجلَيْنِ قد استأنس بهما الحَدِيث، فَلَمَّا رأياه قد رَجَعَ قاما فَخَرَجَا، فوَاللَّه مَا أَدْرِي أَنا أخْبرته أم أنزل عَلَيْهِ الْوَحْي بِأَنَّهُمَا قد خرجا، فَرجع وَرجعت مَعَه، فَلَمَّا وضع رجله فِي أُسْكُفَّة الْبَاب أرْخى الْحجاب بيني وَبَينه، وَأنزل الله عز وَجل هَذِه الْآيَة: {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تدْخلُوا بيُوت النَّبِي إِلَّا أَن يُؤذن لكم} [الْأَحْزَاب] .
وَمن حَدِيث سُلَيْمَان بن الْمُغيرَة عَن ثَابت عَن أنس قَالَ:
صَارَت صَفِيَّة لدحية فِي مقسمه وَجعلُوا يمدحونها عِنْد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَيَقُولُونَ: مَا رَأينَا فِي السَّبي مثلهَا. قَالَ: فَبعث إِلَى دحْيَة فَأعْطَاهُ بهَا مَا أَرَادَ، ثمَّ دَفعهَا إِلَى أُمِّي فَقَالَ: " أصلحيها " ثمَّ خرج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من خَيْبَر، حَتَّى إِذا جعلهَا فِي ظَهره نزل ثمَّ ضرب عَلَيْهَا الْقبَّة، فَلَمَّا أصبح قَالَ: " من كَانَ عِنْده فضل زادٍ فليأتنا " قَالَ: فَجعل الرجل يَجِيء بِفضل التَّمْر، وَفضل السويق، حَتَّى جعلُوا من ذَلِك سواداً حَيْسًا، فَجعلُوا يَأْكُلُون من ذَلِك الحيس وَيَشْرَبُونَ من حِيَاض إِلَى جنبهم من مَاء السَّمَاء.
قَالَ: فَقَالَ أنس: فَكَانَت تِلْكَ وَلِيمَة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. قَالَ: فَانْطَلَقْنَا حَتَّى إِذا رَأينَا جدر الْمَدِينَة هششنا إِلَيْهَا فرفعنا مطيناً وَرفع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مطيته، قَالَ: وَصفِيَّة خَلفه قد أردفها. قَالَ: فَعَثَرَتْ مَطِيَّة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فصرع وصرعت. قَالَ: فَلَيْسَ أحدٌ من النَّاس ينظر إِلَيْهِ وَلَا إِلَيْهَا حَتَّى قَامَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فسترها، قَالَ: فأتيناه فَقَالَ: " لم نضر " قَالَ: فَدَخَلْنَا الْمَدِينَة، فَخرج جواري نِسَائِهِ يتراءينها ويشمتن بصرعتها.

الصفحة 543