كتاب الجمع بين الصحيحين (اسم الجزء: 4)

اسْتنَّ استناناً أحسن مِنْهُ. فَمَا عدا أَن فرغ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رفع يَده، أَو إصبعه، ثمَّ قَالَ: " فِي الرفيق الْأَعْلَى " ثَلَاثًا. ثمَّ قضى. وَكَانَت تَقول: مَاتَ بَين حاقتني وذاقنتي.
وَفِي رِوَايَة ابْن الْهَاد عَن عبد الرَّحْمَن بن الْقَاسِم عَن أَبِيه عَن عَائِشَة قَالَت:
مَاتَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَإنَّهُ لبين حاقنتي وذاقنتي. فَلَا أكره شدَّة الْمَوْت لأحدٍ أبدا بعد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
وللبخاري من حَدِيث هِشَام بن عُرْوَة:
أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لما كَانَ فِي مَرضه يَدُور فِي نِسَائِهِ وَيَقُول:
أَيْن أَنا غَدا؟ أَيْن أَنا غَدا، حرصاً على بَيت عَائِشَة. قَالَت عَائِشَة: فَلَمَّا كَانَ يومي سكن.
وَأخرجه البُخَارِيّ أَيْضا من حَدِيث أبي مُحَمَّد عبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكَة عَن عَائِشَة قَالَت:
توفّي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي بَيْتِي وَفِي يومي، وَبَين سحرِي وَنَحْرِي.
وَكَانَ إحدانا تعوذه بدعاءٍ إِذا مرض، فَذَهَبت أعوذه، فَرفع رَأسه إِلَى السَّمَاء، وَقَالَ: " فِي الرفيق الْأَعْلَى، فِي الرفيق الْأَعْلَى ". وَمر عبد الرَّحْمَن بن أبي بكر فِي يَده جريدةٌ رطبَة، فَنظر إِلَيْهِ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَظَنَنْت أَن لَهُ بهَا حَاجَة، فأخذتها، فمضغت رَأسهَا ونفضتها، فدفعتها إِلَيْهِ، فاستن بهَا كأحسن مَا كَانَ مستناً، ثمَّ ناولنيها فَسَقَطت يَده، أَو سَقَطت من يَده، فَجمع الله بَين ريقي وريقه فِي آخر يومٍ من الدُّنْيَا وَأول يَوْم من الْآخِرَة.
وَفِي حَدِيث نَافِع بن عمر الجحمي عَن ابْن أبي مليكَة نَحوه، إِلَّا أَنه قَالَ: قَالَت:
دخل عبد الرَّحْمَن بسواك، فضعف النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَنهُ، فمضغته ثمَّ سننته بِهِ.
وَأخرجه أَيْضا من حَدِيث أبي عَمْرو، ذكْوَان مولى عَائِشَة:
أَن عَائِشَة كَانَت

الصفحة 105