كتاب الجمع بين الصحيحين (اسم الجزء: 4)

وَحَدِيثه أتم، قَالَ: وَقَالَ أَبُو أُسَامَة عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن عَائِشَة قَالَت:
لما ذكر من شأني الَّذِي ذكر وَمَا علمت بِهِ، قَامَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي خَطِيبًا، فَتشهد وَحمد الله وَأثْنى عَلَيْهِ بِمَا هُوَ أَهله ثمَّ قَالَ:
أما بعد، فأشيروا عَليّ فِي أنَاس أبنوا أَهلِي، وأيم الله، مَا علمت على أَهلِي من سوء قطّ، وأبنوهم بِمن - وَالله - مَا علمت عَلَيْهِ من سوء قطّ، وَلَا دخل بَيْتِي قطّ إِلَّا وَأَنا حَاضر، وَلَا غبت فِي سفر إِلَّا غَابَ معي ". فَقَامَ سعد بن معَاذ فَقَالَ: ائْذَنْ يَا رَسُول الله أَن نضرب أَعْنَاقهم.
وَقَامَ رجل من بني الْخَزْرَج - وَكَانَت أم حسان من رَهْط ذَلِك الرجل - فَقَالَ: كذبت، أما وَالله لَو كَانُوا من الْأَوْس مَا أَحْبَبْت أَن تضرب أَعْنَاقهم. حَتَّى كَاد يكون بَين الْأَوْس والخزرج شرٌّ فِي الْمَسْجِد - وَمَا علمت.
فَلَمَّا كَانَ مسَاء ذَلِك الْيَوْم خرجت لبَعض حَاجَتي وَمَعِي أم مسطح، فَعَثَرَتْ، وَقَالَت: تعس مسطحٌ، فَقلت لَهَا: أَي أم، تسبين ابْنك. ثمَّ عثرت الثَّانِيَة فَقَالَت: تعس مسطحٌ. فَقلت لَهَا: أَي أم، تسبين ابْنك، وسكتت، ثمَّ عثرت الثَّالِثَة فَقَالَت: تعس مسطح، فانتهرتها. فَقَالَت: وَالله مَا أسبه إِلَّا فِيك، فَقلت: فِي أَي شأني؟ فَذكرت لي الحَدِيث. فَقلت: وَقد كَانَ هَذَا؟ قَالَت: نعم وَالله. فَرَجَعت إِلَى بَيْتِي كَأَن الَّذِي خرجت لَهُ لَا أجد مِنْهُ قَلِيلا وَلَا كثيرا، ووعكت، وَقلت لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَرْسلنِي إِلَى بَيت أبي. فَأرْسل معي الْغُلَام، فَدخلت الدَّار، فَوجدت أم رُومَان فِي أَسْفَل وَأَبا بكر فَوق الْبَيْت يقْرَأ، فَقَالَت أُمِّي: مَا جَاءَ بك يَا بنية؟ فَأَخْبَرتهَا وَذكرت لَهَا الحَدِيث، فَإِذا هُوَ لم يبلغ مِنْهَا مثل مَا بلغ مني، فَقَالَت: أَي بنية خفضي عَلَيْك الشَّأْن، فَإِنَّهُ وَالله لقل مَا كَانَت امرأةٌ حسناء عِنْد رجل يُحِبهَا لَهَا ضرائر، إِلَّا حسدنها وَقيل فِيهَا. قلت: وَقد علم بِهِ أبي؟ قَالَت: نعم. قلت: وَرَسُول الله؟ قَالَت: نعم، وَرَسُول الله. فاستعبرت وبكيت، فَسمع أَبُو بكر صوتي وَهُوَ فَوق الْبَيْت يقْرَأ، فَنزل، فَقَالَ لأمي: مَا شَأْنهَا؟ فَقلت: بلغَهَا الَّذِي ذكر فِي شَأْنهَا، فَفَاضَتْ عَيناهُ وَقَالَ: أَقْسَمت عَلَيْك يَا بنية إِلَّا رجعت إِلَى بَيْتك. فَرَجَعت

الصفحة 116