كتاب الجمع بين الصحيحين (اسم الجزء: 4)

رَأَيْت فِيهَا شَيْئا يريبك؟ " قَالَت لَهُ بَرِيرَة: لَا وَالَّذِي بَعثك بِالْحَقِّ، إِن رَأَيْت مِنْهَا أمرا أغمصه عَلَيْهَا أَكثر من جاريةٌ حَدِيثَة السن، تنام عَن عجين أَهلهَا، فتأتي الدَّاجِن فتأكله، قَالَت: فَقَامَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من يَوْمه، فاستعذر من عبد الله ابْن أبي بن سلول، فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ على الْمِنْبَر: " من يعذرني من رجل بَلغنِي أَذَاهُ فِي أَهلِي ". وَمن الروَاة من قَالَ: " فِي أهل بَيْتِي. فوَاللَّه مَا علمت على أهل بَيْتِي إِلَّا خيرا. وَلَقَد ذكرُوا رجلا مَا علمت عَلَيْهِ إِلَّا خيرا، وَمَا كَانَ يدْخل على أَهلِي إِلَّا معي " قَالَت: فَقَامَ سعد بن معَاذ أحد بني الْأَشْهَل فَقَالَ: أعذرك مِنْهُ، إِن كَانَ من الْأَوْس ضربنا عُنُقه، وَإِن كَانَ من إِخْوَاننَا من الْخَزْرَج أمرتنا فَفَعَلْنَا فِيهِ أَمرك. فَقَامَ سعد بن عبَادَة وَهُوَ سيد الْخَزْرَج - وَكَانَت أم حسان بنت عَمه من فَخذه، وَكَانَ رجلا صَالحا، وَلَكِن احتملته الحمية - وَمن الروَاة من قَالَ اجتهلته الحمية، فَقَالَ لسعد بن معَاذ: كذبت، لعمر الله لَا تقتله وَلَا تقدر على ذَلِك، فَقَامَ أسيد بن حضير - وَهُوَ ابْن عَم سعد - يَعْنِي ابْن معَاذ، فَقَالَ لسعد بن عبَادَة: كذبت، لعمر الله لنقتلنه، فَإنَّك مُنَافِق تجَادل عَن الْمُنَافِقين. فتثاور الْحَيَّانِ: الْأَوْس والخزرج، حَتَّى هموا أَن يقتتلوا وَرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قائمٌ على الْمِنْبَر، فَلم يزل رَسُول الله يخفضهم حَتَّى سكتوا وَسكت.
قَالَت: وبكيت يومي ذَلِك لَا يرقأ لي دمع، وَلَا أكتحل بنوم، ثمَّ بَكَيْت لَيْلَتي الْمُقبلَة لَا يرقأ لي دمع، وَلَا أكتحل بنوم، فَأصْبح عِنْدِي أبواي، قد بَكَيْت لَيْلَتي وَيَوْما، حَتَّى أَظن أَن الْبكاء فالق كَبِدِي. وَمن الروَاة من قَالَ: وأبواي يظنان أَن الْبكاء فالق كَبِدِي، قَالَت: فَبَيْنَمَا هما جالسان عِنْدِي وَأَنا أبْكِي إِذْ اسْتَأْذَنت امرأةٌ من الْأَنْصَار، فَأَذنت لَهَا، فَجَلَست تبْكي معي. فَبينا نَحن كَذَلِك، إِذْ دخل علينا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَسلم ثمَّ جلس، قَالَت: وَلم يجلس عِنْدِي من يَوْم قيل لي مَا قيل

الصفحة 121