قبلهَا، وَقد مكث شهرا لَا يُوحى إِلَيْهِ فِي شأني بِشَيْء. قَالَت:
فَتشهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حِين جلس، ثمَّ قَالَ: " أما بعد يَا عَائِشَة، فَإِنَّهُ بَلغنِي عَنْك كَذَا وَكَذَا، فَإِن كنت بريئةً فسيبرئك الله، وَإِن كنت أَلممْت بذنبٍ فاستغفري الله وتوبي إِلَيْهِ، فَإِن العَبْد إِذا اعْترف بِذَنبِهِ ثمَّ تَابَ تَابَ الله عَلَيْهِ ". فَلَمَّا قضى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مقَالَته قلص دمعي حَتَّى مَا أحس مِنْهُ قَطْرَة، وَقلت لأبي: أجب عني رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِيمَا قَالَ.
قَالَ: وَالله مَا أَدْرِي مَا أَقُول لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. فَقلت لأمي: أجيبي عني رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِيمَا قَالَ. قَالَت: وَالله مَا أَدْرِي مَا أَقُول لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. قَالَت: وَأَنا جاريةٌ صغيرةٌ لَا أَقرَأ كثيرا من الْقُرْآن، فَقلت: إِنِّي وَالله لقد علمت أَنكُمْ سَمِعْتُمْ مَا تحدث بِهِ النَّاس حَتَّى اسْتَقر فِي أَنفسكُم وصدقتم بِهِ، فلئن قلت لكم: إِنِّي بريئة - وَالله يعلم إِنِّي لبريئة - لَا تصدقونني بذلك، وَلَئِن اعْترفت لكم بِأَمْر - وَالله يعلم أَنِّي مِنْهُ بريئة - لتصدقنني، فوَاللَّه مَا أجد لي وَلكم مثلا إِلَّا أَبَا يُوسُف، قَالَ: {فَصَبر جميل وَالله الْمُسْتَعَان على مَا تصفون} .
ثمَّ تحولت فاضطجعت على فِرَاشِي، وَأَنا وَالله حينئذٍ أعلم أَنِّي بريئة، وَأَن الله مبرئي ببراءتي، وَلَكِن - وَالله مَا كنت أَظن أَن ينزل فِي شأني وَحيا يُتْلَى، ولشأني فِي نَفسِي كَانَ أَحْقَر من أَن يتَكَلَّم الله فِي بِأَمْر يُتْلَى. وَمن الروَاة من قَالَ: ولأنا أَحْقَر فِي نَفسِي من أَن يتَكَلَّم الله بِالْقُرْآنِ فِي أَمْرِي، وَلَكِن كنت أَرْجُو أَن يرى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي النّوم رُؤْيا يبرئني الله بهَا. فوَاللَّه مَا رام مَجْلِسه وَلَا خرج أحد من أهل الْبَيْت حَتَّى أنزل الله على نبيه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَأَخذه مَا كَانَ يَأْخُذهُ من البرحاء، حَتَّى إِنَّه ليتحدر مِنْهُ مثل الجمان من الْعرق فِي يَوْم شاتٍ من ثقل القَوْل الَّذِي أنزل عَلَيْهِ. قَالَت: فَسرِّي عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ يضْحك، فَكَانَ أول كلمة تكلم بهَا أَن قَالَ لي: " يَا عَائِشَة، احمدي الله " وَمن الروَاة من قَالَ: " أَبْشِرِي يَا عَائِشَة، أما الله فقد براك ". فَقَالَت أُمِّي: قومِي إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. فَقلت: لَا وَالله، لَا