كتاب القول البديع في الصلاة على الحبيب الشفيع

حديث لا يدري صحيحه من سقيمه وصاحب رأي فمن يسأل قال يسأل صاحب الحديث ولا يسأل صاحب الرأوي ونقل أبو عبد الله بن مندة عن أبي داود صاحب السنن وهو من تلامذة الإمام أحمد أنه يخرج الإسناد الضعيف إذا لم يجد في الباب غيره وأنه أقوى عنده من رأي الرجال فيحصل أن في الضعيف ثلاثة مذاهب لا يعمل به مطلقاً، ويعمل به مطلقاً إذا لم يكن في الباب غيره، ثالثها هو الذي عليه الجمهور يعمل به في الفضائل دونالأحكام كما تقدم بشروطه والله الموفق.
(حكم الموضوع)
وأما الموضوع فلا يجوز العمل به بحال وكذا روايته إلا أن قرن ببيانه كما سلكناه في هذا التأليف لقوله - صلى الله عليه وسلم - فيما رواه مسلم في صحيحه من حديث سمرة - رضي الله عنه - من حدث عني بحديث يرى أنه كذب فهو أحد الكاذبين ويروي مضبوطة بضم الياء بمعنى يظن وفي الكاذبين رويتان أحداهما بفتح الباء على ارادة التثنية والأخرى بكسرها على صيغته الجمع وكفى بهذه الجملة وعيداً شديداً في حق من روى الحديث وهو يظن أنه كذب فضلاً عن أن يتحقق ذلك ولا يبينه لأنه - صلى الله عليه وسلم - جعل المحدث بذلك مشاركاً لكاذبه في وضعه وقال مسلم في مقدمة صحيحة أعلم أن الواجب على كل أحد عرف التمييز بين صحيح الروايات وسقيمها وثقات الناقلين لها من المتهمين أن لا يروي إلا ما عرف صحة مخارجه وأيساره في ناقليه وأن يترك منها ما كان عن أهل التهم والمعاندين من أهل البدع قلت وكلامه موافق لما دل عليه الحديث والله الموفق وقد قيد ابن الصلاح جواز رواية الضعيف باحتمال صدقه في الباطن فإنه قال عقب قوله بعدم جواز رواية الموضوع إلا مقروناً بخلاف الأحاديث الضعيفة التي تحتمل صدقها في الباطن انتهى.
لكن هل يشترط في هذا الاحتمال أن يكون قوياً بحيث يفوق احتمال كذبها أو يساويه أو لا، قال شيخنا محل نظر، والظاهر من كلام مسلم ومما دل عليه الحديث إن احتمال الصدق إذا كان احتمالاً ضعيفاً أنه لا يعتد به وقد قال الترمذي سألت أبا محمد عبد الله عبد الرحمن الدرامي يعني عن حديث سمرة

الصفحة 256