كتاب جدد حياتك

الحيوان الضئيل عداوة لن تعود بالضرر إلا عليه هو، فأكرم له وأليق بكبريائه أن يغض الطرف عنه.
ولقد تعلمت هذا أنا أيضا، فطالما ضيقت الخناق على آدميين من طراز هذا "النمس"، فعلمتنى التجربة المرة أن اجتلاب عداوة هؤلاء لا تجدى فتيلا).
ذاك ما كتبه " ديل كارنيجى " فى كتابه: " دع القلق ". وقد وافقته فى هذا التفكير فيما كتبته- قبلا- بخلق المسلم قلت:
(ومع أن للطباع الأصيلة فى النفس دخلا كبيرا فى أنصبة الناس من الحدة والهدوء، والعجلة والأناة، والكدر والنقاء؟ إلا أن هناك ارتباطا مؤكدا بين ثقة المرء بنفسه وبين أناته مع الآخرين وتجاوزه عن خطئهم.
فالرجل العظيم حقا كلما حلق فى آفاق الكمال اتسع صدره، أو امتد حلمه، وعذر الناس من أنفسهم، والتمس المبررات لأغلاطهم. فإذا عدا عليه غر يريد تجريحه، نظر إليه من قمته كما ينظر الفيلسوف إلى صبيان يعبثون فى الطريق وقد يرمونه بالأحجار.
وقد رأينا الغضب يشتط بأصحابه إلى حد الجنون عندما تقتحم عليهم نفوسهم. ويرون أنهم حقروا تحقيرا لا يعالجه إلا سفك الدم.
أفلو كان الشخص يعيش وراء أسوار عالية من فضائله يحس بوخز الألم على هذا النحو الشديد؟ كلا. إن الإهانات تسقط على قاذفها قبل أن تصل إلى مرماها البعيد.
وهذا المعنى يفسر لنا حلم " هود " وهو يستمع إلى إجابة قومه بعد ما دعاهم إلى توحيد الله قالوا: (إنا لنراك في سفاهة وإنا لنظنك من الكاذبين *قال يا قوم ليس بي سفاهة ولكني رسول من رب العالمين * أبلغكم رسالات ربي وأنا لكم ناصح أمين).
إن شتائم هؤلاء الجهال لم يطش لها حلم " هود " لأن الشقة بعيدة بين رجل اصطفاه الله رسولا، فهو فى الذؤابة من الخير والبر، وبين قوم سفهوا أنفسهم

الصفحة 100