كتاب جدد حياتك

(يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين).
فجمعهم على الحق وشغلهم به بدل أن يشتغل بعضهم بالبعض الآخر.
وقد عادت هذه الجاهلية إلى الجماهير الفارغة من أمتنا، فهم بين مقاتلات وثارات لا تنتهى، لأنهم ليسوا أصحاب رسالة يحيون لها وينشغلون بحقوقها!!.
إن الشبه قائم بين طباع العظماء وإن اختلفت ألسنتهم وألوانهم، ذلك لأن بذور السمو تنشأ بين شمائلهم وهم أطفال، ثم تقوى مع اشتداد أعوادهم، فهى خصائص يزود الله من يشاء من خلقه ليقوم فى الحياة بعمل كبير أو يؤدى رسالة رائعة.
وأولو المواهب النفسية والعقلية الفارعة سناد ركين للأمم التى يقودونها، والأعباء التى يحملونها.
ولذلك دعا رسول الله ـ فى إبان غربة الإسلام وقلته ـ أن يعزه بأحد العمرين: عمر بن الخطاب، أو عمرو بن هشام ..
فكان الأول أسعد الرجلين وأحظاهما عند الله.
وعندما وفدت قبيلة عبد القيس إلى المدينة، قال النبى صلى الله عليه وسلم للأشج رئيسها ـ: " إن فيك خصلتين يحبهما الله ورسوله: الحلم والأناة ".
وروى أن الرجل قال للنبى: خصلتان جبلنى الله عليهما، أم جدتا فى؟ فقال له "بل جبلك الله عليهما" فسر الرجل على هذا العطاء الجزل.
لقد كانت نفسه - فى ظلمات الجاهلية - تتألق بخلال يحبها الله جل شأنه.
ولقد طالعت النبذ اليسيرة التى نقلها "ديل كارنيجى" عن حياة "إبراهام لنكولن " الزعيم الأمريكى الكبير، فتبينت فى تضاعيفها هذا السمو الذى يبرأ الله عليه بعض النفوس، لتكون فى بيئتها نوراً يومض بالنبل والفضل؟ ومع ذلك فإن هذا الرجل لم ينج من تألب الصغار عليه، بل إن "كارنيجى" يقول: (لعل أحداً ممن أنجبتهم أمريكا فى تاريخها كله، لم يلق من الإيذاء والمقت والخديعة ما لقيه "لنكولن ").

الصفحة 105