كتاب جدد حياتك

فهل بعد هذا البيان والتنبيه أدينا حق الله؟!.
يظهر أن شكر المنعم واجب ثقيل، وأننا على قدر ما نحتاج ونأخذ، على قدر ما نستخف وننسى.
بل إن كثيراً من الناس يتناول أنعم الله وكأنه يسترد حقاً مسلوباً منه، أو ملكاً خاصاً به، ومن ثم فهو لا يرى لأحد فضلا عليه.
وبهذا التفكير الكنود لا يثمرصنيع ولا يجىء شكر.
وتلك هى العلة فى أنك قد تسلف أيادى بيضاء لبعض الناس وتبذل جهداً محموداً فى سوقها، حتى إذا استقرت فى أيديهم نظروا إليك جامدين، أو ودعوك بكلمات باردة، ثم ولوا عنك مدبرين!!.
هل يغضبك هذا المسلك؟.
هكذا صنعوا قبلا مع ربك وربهم فقال:
(وقليل من عبادي الشكور).
ويضرب لنا "ديل كارنيجى" عدة أمثلة لشيوع الجحود بين الناس فيقول: لو أنك أنقذت حياة رجل أتراك تنتظر منه الشكر؟. قد تفعل. بيد أن "صمويل لايبيتز" ـ الذى اشتغل محامياً ثم قاضياً ـ أنقذ ثمانية وسبعين رجلا من الإعدام بالكرسى الكهربائى، فكم من هؤلاء تقدم له بالشكر؟. لا أحد!
ولقد شفى المسيح عليه السلام عشرة من المفلوجين فى يوم واحد، فكم من أولئك المعافين سعى إلى رسول الله ليشكره؟.واحد فقط!!.
أما الآخرون فقد انصرفوا دون أن ينبسوا بكلمة.
ويستطرد "كارنيجى" قائلا: (وحدثنى " تشارلس شواب " أنه أنقذ مرة صرافاً خسر فى مضاربات "البورصة" أموالا تخص "البنك "، فدفع له المال المفقود كله، وبذلك نجاه من السجن، ومن فقد شرفه وعمله، فهل شكره الصراف؟.
نعم شكره يومئذ بكلمة، ثم ما لبث أن راح يحمل عليه ويكيل له السباب ألواناً!!).
ثم يقول "كارنيجى" وكأنه يشرح قول الله سبحانه:
(إن الإنسان لربه لكنود)

الصفحة 109