كتاب جدد حياتك

ودوافع هذا اللدد لا تخفى، ومن آثاره أن كتاباً معروفين ـ ومعروفة الجهات التى يعملون لها ـ يريدون قطعنا عن تراثنا الفكرى والعاطفى، بل عن الحروف التى نكتب بها لغتنا.
وقد اصطنع هؤلاء لوناً من الأدب الصحفى التافه فقيراً كل الفقر من المعانى الحية.
لذلك حرصت فى كتابى على إحياء الحكمة العربية الأولى، وإمتاع القراء بطرف منها فى سياق المعارف الدينية والعلمية التى يجدونها.
وإذا كان " ديل كارنيجى " يحيا بقرائه فى جو أمريكى بحت، فمن واجبى أن أعيش مع قرائى فى جو عربى خالص، لا أتركه إلا للمقارنات الإنسانية الأخرى، وهى مقارنات لا صلة لها بجنس معين ...
وأمر أخير: إن تبديد الغيوم الاجتماعية المخيمة فى كثير من أقطارنا العربية واجب لا محيص عن القيام به، ولا أستطيع التخلى عنه تقيداً ببحث محدود، فلا يستغربن أحد أن أخوض فى مشكلات شخصية وعلل خلقية، ولا أن أستطرد بذكر حوادث وشواهد مختلفة تمسنى من قرب أو بعد.
إننى لا أكتب إشباعاً لترف علمى قدر ما أكتب إصلاحاً لأغلاط شائعة وأوضاع جائرة.
وأعرف أن من أحزاب الميمنة وأحزاب الميسرة من يكره هذه الكتابات ويتمنى الشر لصحابها، وقد أردد وأنا ضاحك قول العقاد:
وكذا العهد بمشبوب القلى … عارم الفطنة جياش الفؤاد
أبدا يهتف بالقول فلا … يُعجب الغى ولا يرضى الرشاد
لكننى أستدرك فأقول: إن ما لا يعجب الغى يجب أن يرتضيه الراشدون.
وإذا استوحشت من صنوف الناس فإلى رب الناس المفزع:
(رب هب لي حكما وألحقني بالصالحين * واجعل لي لسان صدق في الآخرين * واجعلني من ورثة جنة النعيم)
محمد الغزالى

الصفحة 11