كتاب جدد حياتك

والحق أن مافى الحياة من منغصات ومتاعب يجئ من فوضى الناس ونزق غرائزهم وطيش مسالكهم أكثر مما يجئ من طبيعة الحياة نفسها!!.
هب رجلا ترك لأولاده الثلاثة دارا تسع ثلاثمائة لوفرة مرافقها ورحابة باحاتها، فاختصم الأولاد فى هذه الدار، وطرد بعضهم بعضاً، أو سجن بعضهم بعضاً، هل يكون ذلك عيبا فى الدار، أو تقصيرا من ربهما؟.
أم هو عيب الإخوة المتشاركين والشركاء المتظالمين؟.
كذلك الحياة الدنيا، والله ما أفسدها، وكسف ضياءها، وشاب نعماءها، إلا ركض البشر فى جوانبها ركضاً مجنوناً، لا يخضع لشرائع الله، ولا يستقيم مع نصحه وهداه.
لعمرك ما ضاقت بلاد بأهلها … ولكن أخلاق الرجال تضيق
ولو استرشدنا بمنارات الله التى أنزل علينا، وأدركنا الخير الواسع الذى أتاح لنا، لكان لنا وللحياة شأن آخر.
غير أن أكثرنا يحتقر ثروة الحياة والعافية التى يملكها، ويعجز تبعاً لذلك عن الانتفاع بها، ثم يبكى أمانى هينة لم يحصل عليها، ولو حصل عليها لكانت بعض الواقع الثمين الذى يقدره حق قدره!!.
حكى "ديل كارنيجى" قصة رجل أرهقه الكدح الفاشل،؟ واضطربت نفسه تحت وطأة الأزمات التى عاناها؟ إلا أنه وعى من صور الحياة درساً اخذ بيده إلى النهاية المشرقة، ولنسمع إليه يقول: ( ...
كنت خلال العامين السابقين لهذا الحادث أدير محلا للبقالة فى مدينة "وب "، وقد باءت تجارتى بالكساد، وفقدت فيها كل ما ادخرته من مال، بل عمدت فوق ذلك إلى الاستدانة، حتى لقد استغرق سداد ديونى سبع سنين، وكنت أغلقت محل البقالة قبل ذلك الحادث بأسبوع، وفى يوم الحادث اتجهت إلى أحد المصارف لأقترض شيئاً من المال يعيننى على الذهاب إلى مدينة "كانساس " للبحث عن عمل فيها.
وبينما أنا أسير فى الطريق ذاهلا شارد اللب، قد خامرنى اليأس وأوشك الإيمان يفارقنى، إذ رأيت رجلا مبتور الساقين يريد أن يعبر الطريق .. كان يجلس على عارضة خشبية مزودة بعجلات صغيرة، ويستعين على تسيير هذه العارضة بيديه اللتين أمسك بكلتيهما قطعتين من الخشب يستند بهما إلى أرض الشارع "ليدفع

الصفحة 119