كتاب جدد حياتك

جدد حياتك
كثيرا ما يحب الإنسان أن يبدأ صفحة جديدة فى حياته، ولكنه يقرن هذه البداية المرغوبة بموعد مع الأقدار المجهولة، كتحسن فى حالته، أو تحول فى مكانته.
وقد يقرنها بموسم معين، أو مناسبة خاصة كعيد ميلاد، أو غرة عام مثلا.
وهو فى هذا التسويف يشعر بأن رافدا من روافد القوة المرموقة قد يجئ مع هذا الموعد، فينشطه بعد خمول ويُمَنِّية بعد إياس.
وهذا وهم. فإن تجدد الحياة ينبع قبل كل شىء من داخل النفس.
والرجل المقبل على الدنيا بعزيمة وبصر لا تخضعه الظروف المحيطة به مهما ساءت، ولا تصرفه وفق هواها.
إنه هو الذى يستفيد منها، ويحتفظ بخصائصه أمامها، كبذور الأزهار التى تُطمر تحت أكوام السبخ، ثم هى تشق الطريق إلى أعلى مستقبلة ضوء الشمس برائحتها المنعشة!!، لقد حولت الحمأ المسنون والماء الكدر إلى لون بهيج وعطر فواح ...
كذلك الإنسان إذا ملك نفسه وملك وقته، واحتفظ بحرية الحركة لقاء ما يواجه من شئون كريهة، إنه يقدر على فعل الكثير دون انتظار أمداد خارجية تساعده على ما يريد.
إنه بقواه الكامنة، وملكاته المدفونة فيه، والفرص المحدودة، أو التافهة المتاحة له يستطيع أن يبنى حياته من جديد.
لا مكان لتريث، إن الزمن قد يفد بعون يشد به أعصاب السائرين فى طريق الحق، أما أن يهب المقعد طاقة على الخطو أو الجرى فذاك مستحيل.
لا تعلق بناء حياتك على أمنية يلدها الغيب، فإن هذا الإرجاء لن يعود عليك بخير.
الحاضر القريب الماثل بين يديك، ونفسك هذه التى بين جنبيك، والظروف الباسمة أو الكالحة التى تلتف حواليك، هى وحدها الدعائم التى يتمخض عنها

الصفحة 12