كتاب جدد حياتك

عربته " هذه إلى الأمام .. وقد التقيت به بعد أن عبر الشارع ثم بعد أن أخذ يحاول رفع خشبته التى يجلس عليها ليعتلى " الطوار" فلما أصبح فوقه أدار "عربته " الصغيرة ليمضى فى سبيله، فالتقت عيناه بعينى وابتسم ابتسامة عريضة مشرقة.
ثم قال: سعدت صباحاً يا سيدى، إنه يوم جميل، أليس كذلك؟.
ووقفت مكانى أتطلع إلى هذا الرجل، وأدركت كم أنا واسع الغنى.
إن لى ساقين، وأستطيع أن أمشى!!.
وخجلتُ مما كنت أستشعره من الرثاء لنفسى، وقلت: إذا كان هذا الرجل يستطيع أن يكون سعيدا مرحا مع فقد ساقيه، فأولى بى أن أستجمع هذه الصفات ولى ساقان، وكنت قد عولت على أن أقترض من المصرف مائة دولار، ولكنى إذ ذاك واتتنى الشجاعة فطلبت مائتين، وكنت قد عولت على أن أقول للمصرف: إنى ذاهب إلى "كانساس " لأحاول الحصول على عمل، لكنى بعد هذا قلت للمصرف: إنى ذاهب للحصول على عمل، ولقد حصلت على القرض وحصلت على العمل).
* * * *
ما أغلى العافية التى تسرى فى أوصالنا.
وما أثمن القُوى التى زودنا الله بها.
وما أشهى الثمار التى نقطفها لو أحسنا استغلالها ولم نهدر قيمتها.
إن الإسلام يريد أن يلفت أنظارنا بقوة إلى نفاسة النعم التى تكتنفنا، وإلى ضرورة الإفادة منها. وإليك هذه القصة التى أراد بها النبى صلى الله عليه وسلم تنبيهنا إلى جلال النعم التى يستمتع أغلبنا بها ولا يلتفت إليها:
عن جابر رضى الله عنه قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "خرح من عندى خليلى جبريل آنفاً فقال: يا محمد .. والذى بعثك بالحق إن لله عبدا من عباده، عبد الله خمسمائة سنة على رأس جبل فى البحر، عرضه وطوله ثلاثون ذراعا

الصفحة 120